للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

والجواب المستقلّ الوارد على سبب أضرب:

لأنه إما أن يكون أخصّ أو مساويًا أو أعم، فالأخص مثل: ما لو سئل عن قتل النساء الكَوَافر، فقيل: اقتلوا المُرْتَدّات، فيجب قتل المرتَدّات باللفظ دون غيرهن؛ لمفهوم دليل الخِطَاب؛ ولأنه لما عدل عن العامّ إلى الخاصّ دلّ على قصد المخالفة.

قال القاضي أبو الطَّيب: وهذا كما قال أصحابنا في قوله : "جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا" (١) علق على اسم الأرض كونها مسجدًا، وعلى نوع منها كونه طهورًا، فَدلَّ على أنه قصد المخالفة [بين المسجد والطهور، خلاف قول أبي حنيفة: إن كل أرضٍ مسجدٌ وطهورٌ.

ومن ذلك احتجاج أصحابنا بقوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [سورة الطلاق: الآية ٦]. فأوجب السُّكنى مطلقًا والنفقة بشرط الحمل (٢)؛ فدلّ على أنه قصد


(١) أخرجه البخاري ١/ ٤٣٥ - ٤٣٦، كتاب التيمم: باب (١)، (٣٣٥)، ومسلم ١/ ٣٧٠، كتاب المساجد: (٣/ ٥٢١) من رواية جابر بن عبد الله .
(٢) اختلف الموجبون لنفقة البائن الحامل في أن النفقة حق لها أو للحمل على قولين.
- أحدهما -: أن النفقة للحامل؛ وإليه ذهب الحنفية، والشافعي في الجديد وأحمد في رواية.
- وثانيهما -: أنها للحمل، واليه ذهب المالكية وأحمد في أظهر الروايتين، والشافعي في القديم.
(وجه القول بأنها للحمل) أنها تجب بوجوده، وتسقط بانفصاله، وتجب بوجوده وتسقط بعدمه عند غير الحنفية.
(ولك أن تقول): - أولًا - إن السقوط بانفصاله ليس لأن النفقة له، وإنما هو لانقضاء العدة، والسقوط بعدمه غير متفق عليه؛ إذ ينازع فيه الحنفية إلا أن يستدل على السقوط بعدمه بآية: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ﴾ فإن قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ﴾ فيه تعليق الحكم، وهو النفقة بشرط، وهو الحمل، فيفيد عدم النفقة عند عدم الحمل، ما لم يعارض ذلك بدليل مساوٍ أو أقوى.
- ثانيًا - إن هذا الدوران إنما يفيد أن كونهن حاملات علة في النفقة، ولا يلزم أن يكون الحمل هو المقصود بها، فيجوز أن تكون النفقة حقًّا للحامل لأجل الحمل.
ووجه القول بأنها للحامل أنها لو كانت للحمل لوجبت في ماله إن كان له مال ورثه أو أوصى له به مع أنها لا تجب فيه، ولوجبت على السيد لا المطلق إن كانت الحامل أمة، أو كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>