وتدفع هذه الأوجه بالتزام أنها تجب في مال الحمل إن كان له مال، وأنها تجب على السيد، وأنها تسقط بالإعسار وبمضي الزمان بلا امشدانة بإذن القاضي، وقد صرح الحنابلة بذلك في كتبهم. ووجه سادس، وهو أنها لو كانت للحمل لتعددت بتعدده (ويمكن دفعه) بأن العبرة بالحاجة، وحاجة الحمل المتعدد لا تزيد عن حاجة الحمل والواحد، إذ الأم هي التي تتناول النفقة. ووجه سابع، وهو أنها لو كانت له لتضاعفت نفقة الزوجة الحامل، بأن تعطى نفقة لنفسها، وثانية للحمل. ويمكن دفعه بأن نفقة القريب تسقط بالاستغناء، والحمل هنا مستغن بنفقة أمه. وثامنٌ، وهو أنها لو كانت له لتقدرت بكفايته، لكنها تتقدر بكفايتها عند غير الشافعية، وبالإمداد عند الشافعية. (ويمكن دفعه) بأنها إنما قدرت بكفايتها؛ لأنه لا وسيلة لكفايته إلا ذلك؛ إذ كل الأضرار التي تحصل لها تعود عليه، وتقديرها عند الشافعية حكم مذهبي مبني على كونها للحامل، وماذا يضر لو قالوا في هذه الحالة بكفايتها بناء على أنها للحمل. قد يجاب بأنه كان ممكنًا أن تقدر بكفايته، وهي الفرق بين كفاية الحامل والحائل إن كان هناك فرق؛ لأن الحامل إما أن تحتاج إلى غذاء أكثر من الحائل أولًا، فإن لم تحتج كان إذًا مستغنيًا، ولا نفقة للولد مع الاستغناء، وإن احتاجت لم يجب الزائد، أما الأصل، فهو واجب على من يجب عليه النفقة عليها. والذي يظهر للمتأمل، أنها للحامل، لكن لأجل الحمل، لا لأجل العدة؛ إذ لو كانت للحمل لما وجب على المطلق سوى الفرق بين نفقتي الحامل والحائل، ولو كانت للحامل لأجل العدة لما علق الإنفاق بالحمل في القرآن الكريم؛ إذ التعليق يفيد التعليل، فتعين أنها للحامل؛ لأجل الحمل وبوجوبها لها لأجله سقطت نفقته لاستغنائه. هذا هو الذي يقتضيه النظر الصحيح. ينظر: المهذب ٢/ ١٧٦، ومغني المحتاج ٣/ ٤٤٠، ومغنى الحنابلة ١/ ٢٩٢، والشرح الكبير للدسوقي ٢/ ٥٨٣، والخرشي والعدوي ٤/ ١٩٤، وكشاف القناع ٣/ ٣٠٢. (١) سقط في أ، ج.