للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

على سببه، فلذلك نجد الخلاف في صورة فقهيّة مَثَارُهَا الاختلاف في هذا الأصل، والأصحُّ فيها الجَرَيَان على التعميم، مثل الاختلاف في العَرَايَا، هل يختص بالفقراء؟ أو يشترك فيها الأغنياء والفقراء، والصَّحيح التعميم مع ورودها على سبب خاصّ، وهو الحاجة.

وقال الأصحاب فيمن دخل عليه صديقه فقال: تَغَدَّ معي، فامتنع، فقال: إِن لم تتغد معي فامرأتي طالق، فلم يفعل، لا يقع الطَّلاق، ولو تغدّى بعد ذلك يومًا من الدهر انحلت اليمين، فإِنْ نَوَى الحال، فلم يفعل وقع.

ورأى: البَغَوي (١): حمل المطلق على الحال؛ للعادة.

وأفتى القاضي الحُسَين (٢): في امرأة صعدت بالمفتاح إِلى السطح، فقال زوجها: إِن لم تُلْقِي المفتاح، فأنت طالق، فلم تُلْقه ونزلت، أنه لا يقع.

ويحمل قوله: "إِن لم تلقه" على التأبيد، وأخذ ذلك ممَّا قاله الأصحاب في المسألة المذكورة.

وفي الرَّافعي عن كتاب "المبتدأ" للقاضي الرّوياني (٣) أنه لو قيل له: كَلِّمْ زيدًا، فقال: "والله لا كلمته" انعقدت اليمين على الأبد إِلّا أن ينوي اليوم، فإِن كان ذلك في طلاق، وقال: "أردت اليوم" لم يقبل في الحكم، وهذه الصّور كلها تشهد لأن العبرة بعموم اللفظ، وإِن اقتضت العادة من ذلك عدم استقلال الجَوَاب، فاعرف ذلك.


(١) في حاشية ج: قوله: "ورأى البغوي … إِلخ هذا هو القول ببساط اليمين كما هو مذهب الإِمام مالك.
(٢) الحسين بن محمد بن أحمد القاضي، أبو علي المروزي. صاحب التعليقة المشهورة في المذهب، أخذ عن القفال. قال عبد الغافر: كان فقيه خراسان، وكان عصره تاريخًا به. قال الرافعي: إِنه كان كبيرًا، غواصًا في الدقائق، من الأصحاب الغر الميامين، وكان يلقب بـ "حبر الأمة". وممن أخذ عنه أبو سعد المتولي والبغوي. وله الفتاوي المشهورة وكتاب "أسرار الفقه". توفي في المحرم سنة ٤٦٢ هـ. وينظر: الأعلام ٢/ ٢٧٨، وطبقات الشَّافعية للسبكي ٣/ ١٥٥، ووفيات الأعيان ١/ ٤٠٠، وشذرات الذهب ٣/ ٣١٠، وطبقات الشَّافعية لابن قاضي شهبة ١/ ٢٤٤، والعبر ٣/ ٢٤٩.
(٣) عبد الواحد بن إِسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد، أبو المحاسن، الروياني الطبري، صاحب البحر وغيره، قال ابن خلكان: وأخذ الفقه عن ناصر العمري وعلق عنه، وبرع في المذهب حتى كان يقول: لو احترقت كتب الشَّافعي لأمليتها من حفظي، ولهذا كان يقال له: =

<<  <  ج: ص:  >  >>