للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُجِيبَ: بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْإِثْبَاتِ؛ وَإِلَّا لَمْ يَعُمَّ نَفْيٌ أَبَدًا.

قَالُوا: لَوْ عَمَّ، لَمْ يَصْدُقْ؛ إِذْ لا بُدَّ مِنْ مُسَاوَاةٍ، وَلَوْ فِي نَفْيِ [مَا] سِوَاهُمَا عَنْهُمَا.

قُلْنَا: إِنَّمَا تُنْفَى مَسَاوَاةٌ يَصِحُّ انْتِفَاؤُهَا.

قَالُوا: الْمُسَاوَاةُ فِي الْإِثْبَاتِ وَالْعُمُومِ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتقِمْ إِخْبَارٌ بِمُسَاوَاةٍ؛ لِعَدَمِ الاِخْتِصَاصِ وَنَقِيضُ الْكُلِّيِّ الْمُوجَبِ جُزْئِيٌّ سَالِبٌ.

وزيد مثل عمرو، والمتماثلات [كلها] (١) والاستواءات هل مدلولها في اللغة المشاركة في جميع الوجوه حتى يكون مدلولها كلّها شاملًا أو مجموعًا محيطًا؟ أو مدلولها المُسَاواة في شيء هو أخصّ الأوصاف حتى يصدق بوجدانه وإِن انتفى ما عداه؟

ذهب أبو حنيفة إِلى الأوّل، وعلماؤنا إِلى الثَّاني؛ فلذلك اختلفوا حالة النفي، فمن عمّم جانب الإِثبات خصّص في جانب النفي، وبالعكس.

"لنا": على العموم في النفي أن ذلك "نفي "دخل "على نكرة"، فعمّ "كغيرها" من النكرات في سياق النفي ..

"قالوا: المساواة مطلقًا أعمّ من المساواة بوجه خاصّ"، أو من كلّ وجه ضَرُورَةَ أن المطلق جزء من المقيد، وأنّ الكلّ يستلزم الجزء من غير عكس.

"والأعم لا يشعر بالأخصّ"، فلم يلزم من نفي الأعمّ، وهو مطلق المساواة نفي الأخصّ، وهو المساواة الخاصة.

الشرح: "وأُجيب بأن ذلك" أي: عدم إِشعار الأَعَمّ بالأخص إِنما هو "في"جانب "الإِثبات" لا في جانب النفي؛ لأن نفي العامّ [مستلزم] (٢) نفي الخاصّ، وإِلا لم يعم نفي أبدًا إِذ يقال في: "لا رجل" أعم من الرجل (٣) بصيغة العموم، فلا يشعر به.

ولقائل أن يقول: الاستواء شيء واحد مدلوله واحد، وهو الاستواء من كلّ وجه، وما يحصل بين زيد وعمرو مثلًا من الاشتراك في بعض الوجوه ليس المُسَاواة الحقيقية، وإِذا كان كذلك، فلا فرق فيه بين جانب الإِثبات والنفي.


(١) سقط في ج.
(٢) في ج: يستلزم.
(٣) في حاشية ج: أي الرجل المطلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>