وقد أجاد ابن السَّمعاني إذ افتتح المسألة بقوله: المعطوف لا يجب أن يضمر فيه جميع ما يمكن إضماره مما في المعطوف عليه، بل يضمر قدر ما يفيد ويستقل به، وعند أصحاب أبي حنيفة يضمر فيه جميع ما سبق مما يمكن إضماره. انتهى.
والمصنف لما رأى ترجمة المسألة عند المتأخّرين مختلفة، وهي قولهم: العَطْف على العام هل يقتضي العموم؟.
عدل عنها وقال: مثل قوله ﵇ كما عرفت.
واعلم أن من المشهور أنّ مَذْهب الحنفية قتل المسلم بالذمي، ومن مذهب الفريقين أن النكرة في سياق النَّفْي للعموم، وقائل ذلك لا يستنكف أن يقضي بالعموم على مثل:"لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ"؛ إذ هو أحد أفراد النكرة في سياق النفي.
ثم هو إن كان شافعيًّا انْسَحَبَ على أصله، واستمرت الصيغة عنده على عمومها، وإن كان حنفيًّا قال: لست أنكر أن قضيتها العُمُوم، ولكن عندي دليل خاصّ على قتل المسلم بالذمي.
وإذا كان قوله:"وَلا ذُو عَهْدِ فِي عَهْدِهِ" معناه: بكافر، صح أن يقال: إن قضيته العموم، وإن كان مذهب القائل: إن المعاهد يقتل بالذمي؛ لأن قتله إياه على ما يدعيه لدليل مخصّص لهذا العموم، وإذًا وضح لك ما ذكرناه، وأن الحنفية يجعلون المضمر في الثانية هو المذكور في الأولى.
واعلم أن جماعة من أصحابنا ساعدوهم حتى قال ابن السمعاني: - وهو شَدِيدٌ عليهم - كلامهم ظاهر جدًّا.
وأفصح المصنف بتصحيحه، وأن قوله: وَلا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ" يقتضى العموم، لأن المضمر فيه هو المذكور في قوله: "لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بكافرٍ" وأشار إلى هذا كله بقوله عن الحنفية "ولا ذو عهد في عهده" معناه: بكافر، أي المعنى: ولا ذو عهد في عهده بكافر، لأن المضمر في الثانية المذكور في الأولى. ومذهب غيرهم أن المذكور في الأولى ليس هو المقدر في الثانية، واختار هو مذهب الحنفية.
فإذن محلّ النزاع في أنه هَلْ يجب تقدير ما ذكره في الأولى، أو ما يستقل به الكلام