فقط لا في أن مطلق العطف على العام هل يقتضي العموم كما فهمه الشِّيرازي وغيره من الشارحين؟.
وإذا كان المذكور في الأولى هو المقدر في الثانية، فقوله ﵇:"وَلا ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ" معناه: بكافر، وإذا كان كذلك فيقتضى العموم، كما أن قوله:"لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ" يقتضي العموم إلا بدليل؛ لأنه حنيئذ كالملفوظ به، فهو كما لو قال ﵇:"لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ"، وهو لو قال كذلك قضى عليه بالعموم كلّ من قال بتعميم النكرة في سياق النفى.
ثم إن قام دليل مخصوص عند أحدٍ قال به، وفيما نحن فيه مثلًا قام دليلٌ مخصوص عند الحنفيّة للجملتين المعطوفة، والمعطوف عليها، كقولهم:"يقتل المسلم بالذمى، ويقتل المعاهد بالمعاهد".
وقام عند المصنف دليل مخصص للمعطوف فقط؛ لأنه يقول بأن المسلم لا يقتل بالذمى كما يقول الشافعيون.
وبهذا أيضًا يتضح لك أن العموم لم يحصل من مجرد العطف، ولا اقتضى التعميم، وإن صرَّح اللَّفظ بالخصوص كما قلناه فيما لو قال:"ولا ذو عهد في عهده بحربي" وإنما حصل من تقدير المذكور أولًا، ويتضح لك أيضًا أن المصنف فَرَّ من التعبير بأن العطف على العامّ هل يقتضى العموم لما يلزمه من الخلل وأن من نزل كلامه من شارحي الكتاب على هذا المعنى أوقعه فيما فَرَّ منه، ولم يفهم مراده.
وهنا مهمّ ننبه عليه قبل الحِجَاجِ فنقول:
إذا حفظت أنَّا معاشر الشافعية لا نقدر إلا ما يستقلّ به الكلامُ فقط، وأن الحنفية يقدرون المذكور أولًا، وهو رأى المصنّف، فلا يخفي عليك أن للجملتين اللتين عطفت إحداهما على الأُخرى أحوالًا:
إحداها: أن يتضح كون الثَّانية مستقيمة، وهذا ما لا حاجة فيه إلى تقديرٍ، وليس من كلام القوم في شيء، ومنه فَرَّ من التعبير بأن العطف على العام هل يقتضي العموم