للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أثبته من إيجاب تقدير شيء في المعطوف، وأن المقدر هو الأول، فإنه إذا ثبتت هاتان المقدّمتان صار المعنى: ولا ذو عهد في عهده بكافر، فيقتضي العموم عند القائلين بأن النكرة في سياق النفى تعم وهو واضح، ولا إنكار فيه إذا أثبتت المقدمتان، فلذلك لم يصرح به، ولكن تعرض له، ولهذا قلنا فيما أسلفناه: إنه ليس سبب العموم في الثانية العطف، وإنما العطف قرينة تعين المضمر كالمظهر:

فإن كان عامًا فهو عام، كالحديث المذكور على زعمه.

وإن كان خاصًا فهو خاص، كما لو قيل: لا يقتل مسلم بحربي، ولا ذو عهد في عهده. هذا آخر الكلام على دليل صاحب الكتاب، وهو كما لا يخفي عنك تبين وَهْمُ مَنْ حمل كلامه في صدر المسألة على أن مراده: أنها في بيان أن العطف على العام يقتضي العموم حيث لم يستنتج به الأولون.

الثانية: تقتضي الإضمار، وكون المضمر الأول، وقد قدمنا لك السِّرَّ في عدوله عن التعبير بأن العطف على العام هل يقتضي العموم؟.

وإذا تقرر لديك دليله فاعلم: أنا لا نحفل به، ونقول: إنما [يبحث]، (١) عن وجوب تقدير الأول عند الاحتياج إلى أصل التقدير، ونحن لا نسلّم احتياج قوله: "وَلا ذُو عَهْدٍ" إلى تقدير، بل هو كلام تام مستقل.

قولك: يلزم أَلَّا يقتل ذو العَهْدِ مطلقًا.

قلنا: يلزم من هذا الحديث، وقتله حيث [نقتله] (٢) من دليل آخر، وهو كما لزمك الّا يقتل بالمعاهد إذا قدرت بكافر، وهو يشمل المعاهد الذي تقتله أنت أيها الحَنفي وسائر الأمة [به] (٣)، فكما قدرت عمومًا، وأخرجت بعض - أفراده بدليلٍ نُجْرِي نحن الكلام على ظاهره، ونُخْرج بعض أفراده بدليل، فاشتركنا معك في إخراج بعض الأفراد، وافترقنا في أنك تقدر، ونحن لا نقدر، ولا ريب في أن عدم التقدير أولى.

سلمنا أن قوله: "ولا ذُو عَهْدٍ" غير مستقل، ولكن ذلك لو اقتصر على قوله: ولا ذو عهد.

أما مع قوله: "في عهده" فلا؛ وذلك لأن هذه الزيادة تفيد فائدة جديدة، وليست إلا


(١) في ب: نبحث.
(٢) في أ: بقتله.
(٣) سقط في أ، ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>