وغيره، فعقَّبه بقوله ما معناه: ولا يقتل ذو عهد في زمن عهده.
فإن قلت: القصاص وإن انتفى بين المسلم والكافر، فالحرمة باقية؛ إذ لا يحل الإقدام على قتل المعاهد والذمى، والحرمة كافية في إِحْجَامِ الصحابة عن قتل المعاهد.
قلت: قد كان ذلك في صدر الإِسْلامِ، ومن أين لهم عِرْفان الحرمة إذ ذاك؟ بل من أين لك وقوع الحرمة إذ ذاك؟ فلعله ﵇ حكم أولًا بانتفاء القصاص، ولا يلزم منه ثبوت الحرمة.
ثم ثانيًا بحرمة القتل، وهذا منتهى الرَّدِّ على دليل المصنف، فلنذكر كلام أئمتنا، وقد ذكر في الكتاب أنهم "قالوا: لو كان ذلك" أي: لو ثبت وجوب تقدير الأول "لكان "بكافر" الأول" في المثال المذكور للحربي فقط؛ لأن الثاني أعنى المقدر "للحربي فقط" بالاتفاق، وأنت تقدر الأول بزعمك، فيكون الأول للحربي فقط، "فيفسد المعنى"؛ لدلالته حينئذ بالمفهوم على أن المسلم يقتل بالذمى، وأنت يابن الحَاجِبِ مالكي لا تقول به، فلا يكون الأول للحَرْبِيّ فقط، فلا يكون المقدر هو الأول، وهذا دليلٌ لم أر أحدًا ذكره إلا المصنّف، والسّر في ذلك أن أصحابنا إنما تكلموا في المسألة مع الحنفية، وهو [لا ينهض](١) عليهم؛ لأنهم يقتلون المسلم بالكافر، فلا يفسد عندهم المعنى، بل ينتهض الحديث شاهدًا لهم.
قال أصحابنا أيضًا:"و" لو وجب تقدير الأول "لكان: " ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ" أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٢٨] "اللرجعية والبائن؛ لأنه ضمير المطلقات" بزعمك، والمطلقات للرجعية والبائن بالاتفاق، فيكون ضميرهن كذلك، ولا قائل به.
وحاصل هذا: أنه لو وجب تقدير الأول، للزم من تخصيص الثَّاني بالاتفاق، كما في المثال المذكور تخصيص الأول لأنه هو، وللزم من عموم الأول؛ بالاتفاق كما في الآية المذكورة عموم الثاني؛ لأنه هو واللازمان باطلان.
أما الأولا فعندك.
وأما الثاني فبالاتفاق.
إذا عرفت هذا، فاعلم أن المصنف لم يذكر أولًا في مختصره عن أصحابنا إلا الملازمة الثانية فقط، فقال: قالوا: لو كان ذلك لكان قوله: "وبعولتهن … " إلى آخره، ثم