يتخرج فيه خلاف مبنى على أن المجاز هل يتعلق به العموم، أو إنما يتعلق العموم بالحقائق، وفيه وجهان لأصحابنا حكاهما ابن السّمعاني وغيره.
والأظهر منهما أنه يتعلّق كما يتعلّق بالحقائق، فيكون الأَظْهر العموم، وإن لم يظهر أنه غير مقصود، فإما أن يظهر أن الأمّة مقصودة بقرينة لفظية أولا.
إن كان الأول فهو عام، وتكون القرينة اللفظية مثبتة أنه عبَّر بلفظة عنه وعن غيره مجازًا، وهذا كما في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ﴾ [سورة الطلاق: الآية ١] الآية، فإن ضمير الجمع في "طلقتم"، و"فطلقوهن" قرينة لفظية تدلّ على أن الأمّة مقصودة معه بالحكم، وأن الرب تعالى خصّه بالنداء، وعم بالخطاب، لأن النبي ﷺ سيّد أمته، وإمامهم وقُدْوتهم، كما يقال لرئيس القوم: افعلوا كيت وكيت إظهارًا لعظمته، وتقدمه واعتبار الرئاسة، وأنه ندرة قومه ولسانهم، والذي يصدرون عن آرائه، فكان هو وحده في حكم جميعهم وسادًّا مسدَّ جميعهم.
وقد ابتدأ الشافعي ﵁ كتاب "الطلاق" بهذه الآية، ولولا فهمه عمومها للأمّة لما كان استفتح بها. وإنْ كان الثَّاني فالحق أنه غير عام إلَّا بدليل من قياس أو غيره.
الشرح:"لنا: القطع بأن خطاب المفرد لا يتناول غيره لغة، وأيضًا يجب" لو كان خطابه ﵇ متناولًا لغيره "أن يكون خروج غيره تخصيصًا".
ولقائل أن يقول: أما الأول فضعيف؛ لأن مدعى الخصم الدخول عُرْفًا لا لغة، وأما الثاني فقد يلتزم؛ لأن التخصيص يقع في العام عرفًا.
أو يقال: ما لم يظهر مغايرة حكم غيره له، فالظاهرُ دخوله؛ فيعمل به.
وأما إذا ظهرت المُغَايرة [فتبين](١) أنه لم يدخل، وأن الأمْر كان على خلاف الظَّاهر، فلا يلزم التخصيص.