للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: مَمْنُوعٌ، أَوْ فُهِمَ؛ لأَنَّ الْمَقْصُودَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْمُشَارَكَةِ؛ بِخِلافِ هَذَا.

قَالُوا: ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾ [سورة البقرة: الآية ٣١] يَدُلُّ عَلَيْهِ.

قُلْنَا: ذُكِرَ النَّبِيُّ أَوَّلا لِلتَّشْرِيفِ، ثُمَّ خُوطِبَ الْجَمِيعُ.

والمخالفون " قالوا": أولًا: "إذا قيل لمن له مَنْصب الاقتداء: اركب لِمُنَاجزة العَدُوّ ونحوه، فهم لغة أنه أمر لأتباعه معه، وكذلك يقال: فتح" الأمير البلد "وكسر" الجند، "والمراد مع أتباعه" لا أنه فعله منفردًا، وكذا ما نحن فيه.

الشرح: "قلنا": فهم الاتباع منه "ممنوع أو" يسلم أنه "فهم"، ولكن لا من اللغة، بل "لأن المقصود متوقف على المشاركة، بخلاف هذا"؛ فإنّ أمر الرسول بشيء لا يتوقّف المقصود به على مشاركة الأمّة له .

واعلم أن الخصوم لا يقولون بالفهم لُغَة، ولن يرتكب هذا القول محصل، وإنما يقولون فُهِمَ عرفًا، فلو حذف المصنّف قوله: "لغة" في دليلهم، وأبدل مكانها "عرفًا" لاستدل في محل النزاع، ثم كان الجواب:

أن الفهم هنا؛ لأن المقصود متوقّف على المُشَاركة، بخلاف هذا، ولا سبيل للمنع فيه.

"قالوا": ثانيًا: قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ "إِذَا طَلَّقْتُمُ" النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [سورة الطلاق: الآية ١].

"يدل عليه" فإنه صدَّر الخطاب به ، ثم قال: "طلقتم" "فطلقوهن".

نعم "قلنا": لما أريد العموم الذي يدخل فيه النبي "ذُكر النبي أولًا للتشريف، ثم خوطب [الجميع] (١)، فالنداء له، والخطاب للكل.

وقيل: هو خروج من خطاب الأفراد إلى خطاب الجماعة، وهو موجود في الكلام.

وقيل: هو خطابان قصد بأولهما خطاب النبي بسماع القول وتلقى الأمْر.

ثم قيل: "إذا طلّقتم" خطابًا له ولأمّته، فيكون "إذا طلقتم" ابتداء كلام كما لو ابتدأ السورة به، ويكون السِّرُّ في ذكر النبي سببان: التشريف والتصريح بأن حكمه حكمهم، وإلَّا فلو لم يصرح به كان دخوله ظاهرا لا نصًّا، بل قال بعض الأصُوليين: إنه لا يدخل.


(١) في ج: بجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>