للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قال أصحابنا: "خطابه لواحد ليس بعام، خلافًا للحنابلة" (١).


= أما الكتاب فقول الله في قصة المرأةِ التي وهبت نفسها للنبيّ : ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قال: ﴿خَالِصَةً لَكَ﴾ فدل ذلك على أن الانعقاد بلفظ الهبة من خصوصياته . وأما السنة فما روى أن النبي قال: "واتَّقُوا الله في النساءِ؛ فَإِنَّكم أَخَذتُمُوهُنَّ بأمانَة اللَّهِ؛ واسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُن بِكَلِمَةِ اللَّهِ".
ووجه الدلالة من الحديث أَنهم قالوا: إن الكلمة التي أحل الله بها الفروج في كتابه إنما هي الإنكاح والتزويج فقط، أخذًا من الكتاب والسنة بالاستقراء دون الهبة.
وأما المعقول فقد قالوا فيه: إن الهبة من ألفاظ الطلاق حتى أنه ليقع الطلاق بقوله لزوجته: وهبتك لأهلك، فلا يكون موجبًا لضده.
وقد نوقشت هذه الأدلة بما يأتي:
أما الآية فقد قيل لهم فيها: إن قوله تعالى: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ليس معناه أن انعقاد النكاح بلفظ الهبة مختص به ، بل المراد أن الاختصاص والخلوص في سقوط المهر خاص به ، ويؤيد هذا المراد أمور:
الامر الأول: - أنها مقابلة بمن آتى مهرها في قوله: ﴿إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾، إلى قوله: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً﴾.
الأمر الثاني: أن الله تعالى قال: ﴿لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾، ومن المعلوم أنه لا حرج يلحقه في نفس العبارة، وإنما الحرج بلزوم المهر دون لفظ التزويج.
الأمر الثالث: - أن الله امتن على نبيه بقوله: ﴿خَالِصَةً لَكَ﴾ والمنة إنما تظهر بنفى المهر لا بإقامة لفظ مقام لفظ.
ويقال لهم في الحديث: إن قولكم إن الكلمة التي أحل الله بها الفروج في كتابه هي لفظ الإنكاح والتزويج فقط - غير مسلم، بل جاء لفظ الهبة أيضًا في الكتاب العزيز قال تعالى: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً﴾، الآية، وقد بينا أن الخلوص في الآية راجع إلى إسقاط المهر.
ويقال لهم في المعقول: إن قولكم: إن الهبة من الفاظ الطلاق، فلا يكون موجبًا لضده - منتقض بقول الرجل لزوجته: تزوجي؛ فإن الفرقة تقع به إن نوى به الطلاق.
واستدل المالكية والحنفية على انعقاد النكاح بلفظ الهبة بنفس الآية التي استدل بها الشافعية ووجه الدلالة منها أنهم قالوا: إن هذا اللفظ انعقد به نكاح النبيّ ، فوجب أن ينعقد به نكاح أمته، كلفظ الإنكاح والتزويج.
(١) ينظر: البرهان ١/ ٣٧٠، والمستصفى ٢/ ٦٥، ٨٤، وشرح العضد ٢/ ١٢٣، والإحكام للآمدي=

<<  <  ج: ص:  >  >>