للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَصوَّر إمام الحرمين، وابن السمعاني وغيرهما المسألة بخطابه ، وعلى هذا يكون الضمير في قول المصنّف: "خطابه" عائدًا على النبّي .

والصواب: عود الضمير على الشَّارع كما شرحناه؛ لأن المسألة في أعم من أن يكون المخاطِب الله تعالى، أو نبيه ، كما ذكر الشيخ أبو حامد وقد مثَّل بالآيتين اللتين ذكرناهما.

واعلم أنه لا ينبغي أن يعتقد أن التعميم من جهة وضع الصيغة لغة، ولا أن الشرع لم يحكم بالتعميم حيث لم يظهر التَّخصيص، بل الحق أن التعميم منتفٍ لغةً ثابت شرعًا من حيث إن الحكم على الواحد حكمٌ على الجماعة، ولا أعتقد أحدًا يخالف في هذا، وينبغي أن يُرَدَّ الخلاف إلى أن العادة هل تقضي بالاشتراك بحيث يتبادر فهم أهل العرف إليها أَوْلا؟.

فأصحابنا يقولون: لا قضاء للعادة في ذلك، كما لا قضاء للغة، وإنما [الخطاب] (١) في الشرع شرع، وهم يقولون: العادة تقضي بذلك.

وقد ذكر ابن السَّمْعَاني: أن المخالفين استدلّوا بأن عادة أهل اللِّسان يخاطِبون الواحد، ويريدون الجماعة، وهو يرشد إلى ما ذكرناه.

أو يُرَدُّ إلى أنه هل صار عرف الشرع أن الواحد إذا خوطب، فالمراد الجماعة، فكأنه حقيقة شرعية أَوْلا؟.

فهم يقولون بالأوّل؛ لأنه لما استقرّ من الشّرع استواء الناس في شرعه، كان خطاب الواحد خطابًا مع الكلّ، وكأنه إذا قال: يا زيد قائل: يا أيها الناس ويكون للدلالة على معنى أن للنَّاس لفظين:

أحدهما: الناس، وذلك بوضع اللغة، والثاني: زيد إذا تقدم من اللَّافظ أنه إذا نطق به فقد أراد النَّاس كلهم، وإذا كان الشَّارع هو الذي تقدم منه القول كما في مسألتنا، صار


= ٢/ ٢٤٢، وجمع الجوامع ١/ ٣٢٩، والمختصر لابن اللحام (١١٤)، والعدة ١/ ٣١٨، ٣٣١، وشرح الكوكب ٣/ ٢٢٣، والروضة (١٠٩)، والتحرير (٩٠)، وتيسير التحرير ١/ ٢٥٢، وفواتح الرحموت ١/ ٢٨٠، وإرشاد الفحول (١٣٠)، والمدخل ٢٣٠.
(١) في أ، ب، ج: الخلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>