"قالوا في: له عندي مائة درهم إلّا ثوبًا وشبهه": إن المراد منه "إلَّا قيمة ثوب" من الدّراهم، فتأولوا المنفصل، وردوه إلى المتصل.
وقال أصحابنا: لو قال: بعت بمائة دينار إلَّا عشرة دراهم، وعلم المتبايعان قيمة الدينار بالدراهم صحّ، ويكون مستثنى القيمة، فدلّ أنهم لا يعدلون بالمتّصل ما وجدوا إليه سبيلًا، ولذلك قال بعضهم في قوله تعالى حكاية عن إبليس: ﴿إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ﴾ [سورة إبراهيم: الآية ٢٢]: إنه متصل؛ لأن الحمل على الشيء تارة يكون بالفهم (١)، وتارة بتقوية الداعية بالوسوسة، فصح أن له سلطانًا بهذا الطريق، فيكون استثناء من الجنس.
ولو مثَّل المصنف باستثناء الدّنانير، أو الحِنْطَة، أو الشعير كان أولى؛ فإن الحنفية يقولون: استثناء الثوب لا يجوز، ويجوز استثناء الدَّنانير والحِنْطة والشعير على أنهم لا يصح لهم فرق، وتحقيق ذلك في الخلافيات.
وحكى ابنُ السَّمْعَاني فيما إذا استثنى من زيد وجهه، أو من الدار بابها اختلافًا بين أصحابنا هل هو متصل أو منقطع؟ يقال: والصحيح أنه متصل؛ لأن وجه زيد بعضه، وباب الدار بعضها.
الشرح:"وأما حدّه" أي: حد الاستثناء، "فعلى" قول "التواطؤ" بين المتّصل والمنفصل يمكن حدّه باعتبار المشترك بينهما فيقال:
"ما دلّ على مخالفة بـ"إلّا" غير الصفة وأخواتها"، وما دل على مخالفة تناول أنواع التخصيص.
وقوله: بـ "إلّا" وأخواتها وسائر أنواعه، فأراد بأخوات "إلا" ما له فعلها في الإخراج نحو: "سوى"، و"حاشا"، و"خلا"، و"عدا".
وإنما قيّد "إلا" بغير الصفة لتخرج التي هي للصفة، وهي التَّابعة لجمع منكر، أو شبهه مثل: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [سورة الأنبياء: الآية ٢٢] أي: غير الله؛ فإنَّ