والثاني: الّا يكون بينه وبين ما استثنى منه تعلّق بحال، كقولنا: ما في الدار مسلمون إلا الكافرون.
وقد اختلف في المنقطع:
"قيل: حقيقة"؛ لأنه استعمل، والأصل في الإطلاق الحقيقة.
"وقيل: مجاز" وهو الصحيح.
"وعلى" قول "الحنفية""قيل": إن الاستثناء "متواطئ" أي: مقول بالاشتراك المعنوي على المتصل والمنفصل.
"وقيل: مشترك" بينهما أي: اشتراكًا لفظيًّا؛ لأن المتصل إخراج، والمنفصل يختص بالمخالفة من غير إخراج، فليس بينهما قَدْرٌ مشترك.
"و" كيف ما كان فقد اتّفق الكلّ على أنه "لابد لصحّته من مخالفة" يخالف بها المتصل، إما "في نفي الحكم" الذي يثبت للمستثنى منه نحو: جاءني القوم إلَّا حمارًا، فقد نفينا المجيء عن الحمار بعدما أثبتناه للقوم.
"أو في أن المستثنى" نفسه هو "حكم آخر له" أي: لذلك الحكم الذي هو المستثنى "مخالفة" مع المستثنى منه "بوجه" ما "مثل: "ما زاد إلا ما نقص"؛ فإنَّ النقصان حكم مخالف للزيادة، والتقدير: لم يزده إلَّا النقصان؛ فإن "ما" الأولى نافية، والثانية مصدرية.
وبالجملة: المنقطع مقدر بـ "لكن"، فالمخالفة واقعة فيه إما تحقيقًا مثل: "ما ضربني [زيد](١)، لكن ضربني عمرو".
أو تقديرًا مثل: "ما ضربني لكن أكرمني"، ولا يقال: ما أكرمني زيد إلا أنّ الصلاة واجبة؛ إذ لا مخالفة بينهما بواحد من الوجهين، "ولأن المتصل أظهر" من المنفصل "لم يحمله" أي لم يحمل الاستثناء حيث ورد "فقهاء الأمْصار إلا عند تعذّره" أي: تعذّر المتصل، وبهذا يتضح أن المنقطع مجاز.
"ومن ثَمَّ" أي: ومن أجل أنهم إنما يحملون الاستثناء على المنفصل عند تعذر المتصل.