إذا خصّ باسثناء متصل، فإنه يكون مع الاسثناء حقيقة فيما بقي، والدَّليل على ذلك أن اتصال الاسثناء به يغيره، ويؤثر في معنى لفظه؛ لأن كثيرًا من الكلام إذا اتَّصل بعضه ببعض كان له بالاتصال تأثير ليس له بالانفراد، ولذلك احتاج الابتداء إلى خبر من كلام المبتدئ؛ ليكون مفيدًا، والكناية إلى تقدم مذكور يكون كناية عنه وأمثال ذلك.
ولهذا وجب أن يكون قولنا:"زيد" اسم الشخص الواحد. فإذا زيد ياء ونونًا صار اسمًا للاثنين، وإذا كان كذلك وحب أن يكون هذا حكم اللفظ مع الاسثناء في أنه يصير باقترانه اسمًا لقدر ما بقى، ولو عدّى لكان عامًا، وكذلك عشرة إلّا واحدًا و ﴿أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا﴾ [سورة العنكبوت: الآية ١٤] وأمثاله في أنّ اطلاق الاسمم بغير اسثناء يفيد الجملة التامة، ويصير مع الاسثناء اسمًا لقدر ما بقى، ومثل هذا بعينه تقول:"رجل" اسم واحد منكر، وَإِذَا زِيدَ عليه ألف ولام قيل:"الرجل" صار معرفة، أو للجنس عند أصحاب العموم، فيتغير معناه بما وصل به.
وإذا كان كذلك صحّ ما قلناه من الفرق بين القرائن المتّصلة والمنفصلة. انتهى.
"وقيل: المراد بعشرة" في هذا التَّركيب "عشرة باعتبار الأفراد" أي: باعتبار أفراده لن يغير، وهو يتناول السبعة والثلاثة معًا، "ثم أخرجت ثلاثة" بقوله: إلا ثلاثة، فدلّ لفظ "إلا" على الإخراج، وثلاثة على العدد المسمى بها حتى بقى سبعة، ثم أسند إليه "والإسناد بعد الإخراج (١)، فلم يسند إلّا إلى سبعة"، وليس هناك إلا الإثبات ولا نفى أصلًا، فلا تناقض؛ إذ ليس إثبات ونفى معارضًا.
(١) في حاشية ج: قوله: والإسناد بعد الإخراج .... إلخ قال الزركشي في البحر: تصريح ابن الحاجب بأن الحكم بعد الإخراج مخالف لمذهب سيبويه أن الأداة أخرجت من الاسم والحكم، وما قاله ابن الحاجب إنما يأتي على القول المرجوح أن الإخراج من الاسم فقط، ويرد عليه أيضًا أن المفرد لا مستثنى منه، ولو استثنى منه لم ينتظم أن يقال العامل في المستثنى نحو العامل في المستثنى منه كما هو مذهب كثير من النحاة، والتحقيق أن المراد بالإسناد ما يبقى بعد الإخراج؛ لأن الإسناد للجملة إنما يتبين معناه بآخر الكلام، فإن عطف عليها بـ "أو" كان ثابتًا لأحد الأمرين، وإن عطف عليها بالواو كان ثابتًا للمجموع، وإن استثنى منه كان ثابتًا لبعض مدلولها، وليس الاستثناء مبينًا للمراد بالأول، بل محصل للإخراج، والحاصل قبله قصدًا أن يستثنى لا قصد المعنى، حتى لو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة، ووقع الاستثناء بعد موتها طلقت ثلاثًا، ولو كان مبينًا لزمه ثنتان، وعلى هذا لا يسمى تخصيصًا.