للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلنَا: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [سورة الحجر: الآية ٤٢]، وَالْغَاوُونَ أَكْثَرُ؛ بدَلِيلِ: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ﴾ [سورة يوسف: الآية ١٠٣]؛ وَالْمُسَاوِي أَوْلَى.

وَأَيْضًا "كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ".

وَأَيْضًا: فَإنَّ فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ: "عَلَى أنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَة" لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا دِرْهَمٌ؛ وَلَوْلا ظُهُورُه، لَمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ عَادَةً.

الشرح: "لنا": قوله تعالى: ﴿"إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ"[سورة الحجر: الآية ٤٢]، استثنى "الغاوين" من عباده "والغاوون أكثر بدليل: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ" وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة يوسف: الآية ١٠٣] وغيرهما من الآي النَّاطقة بأن أكثرهم الفاسقون، وكذا قوله: ﴿إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ مع قوله تعالى حكاية عن إبليس: ﴿وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [سورة ص: الآية ٨٢ - ٨٣]. فلو كان المستثنى أقل لزم أن يكون كلّ واحد من الغاوين والمخلصين أقل من الآخر.

"والمساوي أولى" بالجواز.

"وأيضا": قال النبي حكاية عن ربه - تعالى - في الحديث المشهور السامي المروى في "صحيح مسلم":"يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعمتُهُ" (١) صريح في استثناء الأكثر؛ فإن الأكثر مطعمون.

"وأيضًا" قال: "فقهاء الأمصار" متفقون "على أنه لو قال: عليّ عشرة إلا تسعة، لم يلزمه إلَّا درهم، ولولا ظهوره" أي ظهور جواز استثناء الأكثر "لما اتفقوا عليه عادة"؛ إذ العوائد تقضي بالاختلاف فيما ليس بظاهر.

واعلم أن القاضي منع في كتاب "التقريب" ثبوت استثناء الأكثر عن العرب، وزعمهم لا يقولون: عشرة إلا ستة.


= صنف كتابًا في "أصول الفقه" وكتابًا في "الخلاف" ومختصرًا في "الفرائض". توفي في شوال سنة ٤٧٨ هـ بـ "بغداد" عن ٧١ عامًا. ينظر: البداية والنهاية ١٢/ ١٢٨، وطبقات الشافعية للسبكي ٣/ ٢٢٣، وشذرات الذهب ٣/ ٣٥٨، والأعلام ٤/ ٩٨، وابن قاضي شهبة ١/ ٢٤٧.
(١) أخرجه مسلم ٤/ ١٩٩٤، ١٩٩٥، كتاب البر والصلة والآداب: باب تحريم الظلم (٥٥ - ٢٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>