للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقوله : "عليكم بِسُنَّتي" (١) وهذه الأحاديث كثيرة لا تُحْصَى تفيد القطع بهذا العموم، وقد ورد ما هو خاصّ بالسُّنة المستقلَّة، أو يكون على أقل تقدير دخولها فيه متبادرًا في النظر، وأولى من دُخُول غيرها، فمن ذلك قوله : "لا أُلْفِيَنَّ أحَدَكُمْ مُتَّكئًا على أرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الأَمْرُ مِن أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْه فَيَقُولُ: لا أَدْرِي مَا وَجَدْنا في كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ" (٢).

وقوله : "ألا إنِّي أُوتيتُ القُرآنَ ومثله مَعَه، ألا يُوشِكُ رجل شَبْعَانُ على أَرِيكَتِهِ يَقولُ: عليكم بهذا القُرْآنِ فما وَجَدْتُمْ فيه من حَلالٍ فأحلُّوهُ وما وجدتُمْ فيه من حَرَامٍ فَحرِّمُوه، وإنَّما حَرَّمَ رسولُ الله ، كما حَرَّمَ الله، ألا يحل لكم الحِمَار الأَهْلي، ولا كلّ ذي نَابٍ من السِّباع، ولا لُقَطَةُ مُعَاهد، إلا أن يَسْتَغْنِيَ عنها صاحِبُهَا، ومن نزَل بِقَوم فَعَلَيْهِم أَنْ يَقْرُوه، فإن لم يقروه فله أنْ يعقبهم بمثل قِرَاهُ" (٣).

ولا يخفى أن تحريم الحُمُرِ الأهليَّةِ المذكورة في الحديث لَيْسَ في القرآن، فهو خاصّ بما نحن فيه، ولا يخفى أن الظاهر من قوله : "ومثله مَعَهُ" ما كان مستقلًا عنه، وإن سلمنا شموله لغيره أيضًا، فلا ضير علينا؛ حيث إنه أثبت أن الجميع من عند الله، والحديث الأول يفيدنا أن كل ما لا يوجد في كتاب الله مما أمر به الرسول أو نهى عنه فتركه مذموم مَنْهِيٌّ عنه، وذلك يستلزم الحُجِّية، والمتبادر من عدم الوجود ألا يكون مذكورًا في الكتاب لا إجمالًا، ولا تفصيلًا.


(١) أخرجه أبو داود من حديث العرباض بن سارية في ٤/ ٢٠١، في كتاب السنة باب في لزوم السنة (٤٦٠٧)، والترمذي ٥/ ٤٤ في العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع (٢٦٧٦)، وقال حسن صحيح وابن ماجه ١/ ١٦ في المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين ٤٣، والحاكم وقال صحيح ليست له علة ١/ ٩٦ في كتاب العلم.
(٢) أخرجه أبو داود من حديث أبي رافع ٤/ ٢٠٠ في كتاب السنة، باب في لزوم السنة (٤٦٠٥)، والترمذي ٥/ ٣٧، في كتاب العلم، باب ما نهي عنه أن يقال عند حديث النبي ٢٦٦٣ وقال: حسن صحيح وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ١/ ١٠٨ - ١٠٩ في كتاب العلم.
(٣) أبو داود من حديث المقداد بن معد يكرب ٤/ ٢٠٠ في كتاب السنة، باب في لزوم السنة (٤٦٠٤)، والترمذي ٥/ ٣٨، في العلم، باب ما نهي عنه أن يقال عند حديث النبي (٢٦٦٤) وقال: حسن غريب من هذا الوجه، وابن ماجه ١/ ٦ في المقدمة باب تعظيم حديث رسول الله ١٢، والدارمي ١/ ١١٤ في المقدمة باب السنة قاضية على كتاب الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>