والوجه بناؤه على الخلاف السابق في أن الاستثناء بعد الجملتين ينصرف إليهما، أو إلى الأخيرة، وكذلك أورده الإمام.
وقد ذكرنا أنَّ الظاهر الانصراف إلى الأخيرة وحدها، ويوافق هذا البناء ما ذكره في "التهذيب" أنه لو قال: حَفْصَة وعَمْرة طالقتان إن شاء الله، فيرجع الاستثناء إلى عمرة وحدها، أو إليهما جميعًا؟
والأصح: الأول.
ولو قال: أنت طالق واحدة واثنتين إن شاء الله، ففي "النهاية" تخريجه على الوجهين: إن جمعنا المفرق لم يقع شيء، وإن لم نجمع وقعت واحدة.
وعن رواية الشيخ أبي محمد عن القَفَّال أنه لو قال: أنت طالق واحدة ثلاثًا إن شاء الله من غير "واو" لم يقع شيء.
ولو قال: أنت طالق ثلاثًا ثلاثًا إن شاء الله، فكذلك، وفي معناه ما لو قال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق إن شاء الله، وقصد التأكيد. انتهى.
وظاهره أن المرجح عنده عود الاستثناء إلى الأخيرة فقط، وأنه حكى خِلافًا سابقًا في ذلك، وخصّص اختصاص الأخيرة، وهو لم يحك في كتاب "الوَقْف" خلافًا في الاستثناء المتعقب، فضلًا عن أن يرجح مقابله.
قال أبي ﵀: والذي قاله ابن الصَّبَّاغ هو الذي يظهر.
قال: وقول الرافعي: "والوجه إلى آخره" قد يظن أنه معارض لما قاله في الوَقْفِ من عود الاستثناء إلى جميع الجمل المتقدّمة، وليس كذلك؛ لأنه إنما أشار به إلى ما قدّمه على هذا الكلام من أنه إذا عطف بعض العدد على بعض المسألة.
قلت: وهذا وإن كان ظاهر كلام الرافعي خلافه إلّا أنه يدّعو إليه ضرورة تصحيح كلام الرافعي، ويمكن أن يقال: أشار به إلى الوجهين اللَّذين حكاهما من قبل فيما إذا قال: أنت طالق واحدة، بل ثلاثًا إن دخلت الدار:
أحدهما - وبه قال ابن الحَداد، وهو الأصح -: إنه يقع واحدة بقوله: أنت طالق، ويتعلق طَلْقَتَانِ بدخول الدار؛ ردًّا للشرط إلى ما يليه خاصة، وهو قوله: بل ثلاثًا.