والثاني: أن الثلاث تتعلّق بالدخول، لكن هذا إنما يتم لو كانت "بل" مثل الواو، وقد قدمنا ما في ذلك.
والأظهر: أنها ليست كـ"الواو"؛ فإنها للإضراب، فلذلك كان الأصحّ تخصيص الشرط بالأخيرة، بخلاف "الواو" المشركة، فليكن الأمر على ما ذكره الشَّيخ الإمام من أن الرافعي أشار إلى الخلاف في عطف العَدَدِ على العدد.
ثم قال الشَّيخ الإمام: وينبغي أن يكون الضَّابط في جَرَيَانِ الوجهين أن يكون الاستثناء لا يمكن عوده إلى كلّ منهما، فيجري الوجهان، هل يجمع بين المعطوفين ليصح العود إليهما أولا؟
فلو أمكن عود الاستثناء إليهما، وإلى كل منهما فهي مسألتنا هنا.
ومذهب الشَّافعي العود إلى الجميع.
والذي قاله ابن الصَّبَّاغ قياس المذهب؛ لأن المشيئة يصح عودها إلى كل منهما بخلاف: عليَّ درهم ودرهم إلا درهمان.
و"مسألة الوقف" لم يذكر الرافعي فيها خلافًا إلَّا ما حكاه عن الإمام من القَيْدَيْن، وليسا ولا واحد منهما في هذه الصورة التي قالها ابن الصَّبَّاغ، فمن أين يأتي فيه خلاف؟
قلت: ما ذكر من أنه ينبغي أن يكون ضابط الوجهين لو تَمَّ كان حسنًا، وتكون المسألة الأصولية في عود الاستثناء إلى الجمل السابقة التي لكلّ منها صلاحية عود الاستثناء إليها، ومسألة العدد في الاستثناء التي لا يمكن عوده إلى كل منها، وهذا لا يتم؛ فإن الشيخ الإمام إن أراد بقوله:"إن شرط مسألة العدد ألَّا يمكن عود الاستثناء إلى كل منهما" الكلي المجموعي، فلا شك في إمكان عود الاستثناء إليه حتى في قوله: عليّ درهم ودرهم إلا درهمًا؛ إذ هي بمنزلة: عليَّ درهمًا، وهو لم يرد هذا، ولا يعبر عن"الكلي المجموعي" بكل منهما.
وإن أراد إمكان العود إلى كلٍّ على حدته، فهو أيضًا ممكن أن يعود على الأول في قولنا: عليّ درهمان ودرهم إلَّا درهمًا بصحّة استثناء درهم من درهمين مع أن فيه خلاف العدد بعينه.
فإن قال الشيخ الإمام هنا: لا يمكن عوده إلى كُلٍّ منهما.