وبين المسألتين عموم وخصوص من وجه؛ فإن من منع تخصيص الكتاب بالكتاب فقد منعه، سواء أكان المخصّص متقدمًا أم متأخرًا.
ومن قال: العام المتأخر ناسخ، فقد قال به، سواء أكان في الكتاب أم في غيره.
ولا شك أنّ كل من أجاز كون العام المتأخر من الكتاب مخصصًا، وهم أصحابنا، فقد أجازوا تخصيص الكتاب ضرورة أن هذا فرد من أفراده.
ومن منع تخصيص الكتاب مطلقًا فقد وافق الحنفية في منع كون العام المتأخر من الكتاب مخصصًا؛ إذ ما منعوه فرد مما منعه، ولا [ندري](١) هل يوافقهم أيضًا في جعله ناسخًا أو يخالفهم؟
لأن النسخ أضعف، فإذا منع التخصيص منعه بطريق أوْلى.
وإذا عرفت هذا، فلا يخفى عليك أن كُلَّ ما دل على أن العام المتأخر في الكتاب يكون مخصّصًا بالخاص المتقدم منه، فقد دلّ على مطلق تخصيص الكتاب، وكان فيه الرَّد على الفريقين:
مانعي تخصيص الكتاب مطلقًا.
ومانعي كون المتأخر مخصصًا، بخلاف ما يدلّ على منع كون العام المتأخر ناسخًا؛ فإنه لا يلزم منه منع مطلق التخصيص ولا إثباته.