للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"قلنا": هذا ولا [تعارض] (١) بقوله تعالى في صفة القرآن: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [سورة النحل: الآية ٨٩] فإنه يقتضي أنه يبين جميع الأشياء، ومن جملتها الكتاب.

"والحق أنه" هو "المبين"؛ إذ الكلّ ورد على لسانه ، فكان المبين للكلّ "بالكتاب" تارةً، "وبالسُّنة" أخرى.

"قالوا" ثالثًا: "البيان يستدعي التأخر" عما هو بيان له، ثم افترقوا:

فقال مانعو تخصيص الكتاب مطلقًا: والقرآن لا يتقدم بعضه بعضًا؛ لأنه كلام الله الأزلي الواحد بالذات، وهو كالكلمة الواحدة.

وقالت الحنفية: فلا يكون الخاصّ المتقدّم [مبينًا] (٢) للعام المتأخر.

"قلنا": هذا "استبعاد"، وأي مانع من ورود المبيّن مع ما هو بيان له، أو قبله؟

وقلنا: ["مع"] (٣) ليخص بالكلام من منع تخصيص الكتاب مطلقًا معتلًّا بأنه كالكلمة الواحدة.

وقلنا: "قبل" ليخصّ الحنفية.

وحذف المصنّف اللفظين ليصلح كلامه للفريقين، [فافهم] (٤) صغار الكلمات تعرف كبارها.

فإن قلت: لم لا أجاب المصنف هنا بالاستفسار كما فعل فيما تقدم؟ فقال: إن كان المراد تأخر ذات البيان، فلا نسلّم أنه يلزم.

وإن كان صفته وهو كونه بيانًا فلا نسلم أنه سابق، بل هو متأخر، فالسَّابق ذاته لا صفته؟!

قلت: لأنه لو أجاب بهذا هنا لاختصّ بالحنفية، ولم يكن فيه ردّ على من منع تخصيص الكِتَاب، فأجاب بما يشمل الفريقين.

وأنت إذا تأملت كلامه وجدته قد ذكر دلائل الفريقين من الخصوم بعبارة صالحة لهما، وترك في كل دليل الزيادة التي يختص بها كل واحد منهما مُحَالةً على شارحي كلامه


(١) في أ، ج: يعارض.
(٢) في أ: مثبتا.
(٣) في ب: منع.
(٤) في ب: فأوهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>