الشرح:"قالوا" ثانيًا: لو كان الكتاب مخصصًا لكان "على خلاف قوله: "لِتُبَيِّنَ" لِلنَّاسِ مَا نزِّلَ إِلَيْهِمْ"[سورة النحل: الآية ٤٤]؛ إذ التخصيص يتبين، والآية صريحة في أن المبيِّن هو الرسول ﷺ[فكيف](١) يكون الكتاب مبينًا؟ فدل أن القرآن لا يكون مخصصًا ألبتة.
وإلى هنا ينتهي استدلال من منع تخصيص الكتاب مطلقًا، ويزيد الحنفي فيقول: وإذا لم يكن الكتاب مخصّصًا مطلقًا، لم يكن العام المتأخر من الكتاب مخصصًا؛ لأنه من جملة الأفراد.
ولا يقال: فيلزم ألَّا يكون الكتاب مخصّصًا ألبتة، وأنت أيها الحنفي لا تقول به.
لأنا نقول: مقتضى هذا الدليل ما ذكرتم، ولكن خالفناه فيما إذا تقدم العام على الخاص؛ للإجماع منا ومن خصومنا، فبقي ما عداه على الأصل.
فإن قلت: هَبْ أنه دالّ على أن العام المتأخر في الكتاب لا يكون مخصصًا إلا أنه لا يدل على أن كل عام متأخر لا يكون مخصصًا، ودعوى الحنفية هذا لا ذاك، والمسألتان كما تقدم بينهما عموم وخصوص مطلق؛ لأن من منع كون العام المتأخر مخصصًا منعه سواء أكان في الكتاب أم في غيره، ومن منع التَّخصيص في الكتاب منعه سواء أكان متأخرًا أم لا.
قلت: هذا صحيح، ولكن إذا ثبت أنه لا يكون المتأخّر مخصصًا، وهو من الكتاب فلأن لا يكون المتأخر الذي هو من غير الكتاب مخصصًا بطريق أولى.