للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"إذا قال: اقتل زيدًا" المشرك، "ثم قال: لا [تقتل] (١) المشركين، فكأنه قال، لا تقتل زيدًا"، ولا عمرًا إلى أن يأتي على الأفراد واحدًا واحدًا، ولكنه اختصر المطول، وأجمل المفصل.

فقال: لا [تقتل] (٢) المشركين، وإذا كان بمثابة: لا تقتل هذا ولا هذا إلى آخر الأفراد، فكأنه قال: لا تقتل زيدًا، "والثاني" وهو: لا تقتل زيدًا "ناسخ" بلا شكّ؛ لوروده بعد: اقتل زيدًا، وكذا ما هو بمثابته.

إلى هنا ينتهي استدلال الحنفيّة، ومن وافقهم على أن العام المتأخر ناسخ.

ويزيد من يمنع تخصيص الكتاب مطلقًا، فيقول: وإذا كان المتأخر ناسخًا لكونه بمنزلة النَّص، وكذا لو تقدم العام؛ فإنه يقع التعارض بين الخاصّ ومحل التخصيص من لفظ العموم، فلا يخصّ به، ولا سبيل لنا هنا إلى دعوى أن الأول هنا - وهو العام - يكون ناسخًا؛ لأن الناسخ لا يتقدم على المنسوخ، أو لأنا إذا منعنا التخصيص، فبطريق أولى أن نمنع النسخ.

"قلنا:" زيد بخصوصه إذا نص عليه لم يتأت التخصيص فيه، فيضطر إلى القضاء بالنسخ.

وأما إذا لم ينصّ عليه، بل أتى بلفظ عام، فإن تخصيصه ممكن، فلا يصار إلى النسخ بل "التخصيص أولى" من النسخ، "لأنه أغلب"، والإلحاق بالأغلب أولى، كلقيط في بلد غالبُ أهلها مسلمون، فإنه يقضي عليه بالإسلام إلْحَاقًا للفرد الأعم بالأغلب.

"و" لأنه "لا رفع فيه"، بل هو دافع، والنسخ رافع، والدفع أسهل من الرفع، وكلاهما "كما لو تأخر الخاص"، فإنه يحمل على التخصيص.

وإن كان النسخ محتملًا بأن تقرر حكم العام، ثم يرفع، فلا يصار إليه، بل يجزم بالتخصيص بالوجهين المذكورين، ولمانع "تخصيص الكتاب مطلقًا أن يمنع قولنا؛ فإنه يحمل على التخصيص؛ فإن ذلك مصادرة له على دعواه.


(١) في أ: يقتل.
(٢) في أ: يقتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>