هكذا وجه الحنفية رأيهم في إلحاق المشهور بالمتواتر، وبين أنه على رأي الجصاص ومن وافقه من أنه يفيد علم اليقين أنه يقوي على معارضة الكتاب والخبر المتواتر عندهم، أما على الرأي الثاني فغير واضح ذلك منهم، لأن غاية ما تفيده هذه الشهرة غلبة الظن أي ظنًّا أقوى مما يفيده خبر الواحد، ولا يصل بالخبر إلى درجة القطع، وإذًا فكيف ينتهض الظني معارضًا للقطعي؟؟ ولعل الحامل للحنفية على تلك المحاولة التي أبدوها في الخبر المشهور وأنه ملحق بالمتواتر - ذهابهم إلى منع تخصيص القرآن بأخبار الآحاد؛ فإنهم لما وجدوا كثيرًا من الأحاديث انعقد الإجماع على تخصيص القرآن بها فتحوا باب الشهرة واسعًا، واعترفوا بتخصيصه، وراحوا يدعون الشهرة في كثير من الأحاديث راجين من وراء ذلك دفع ما يعود على أصلهم بالبطلان، وقد أفرطوا في ادعاء الشهرة حتى ادعاها بعضهم في أحاديث لم يثبت رفعها فضلًا عن شهرتها، فعلوا ذلك في حديث: "أخروهن من حيث أخرهن الله" فأثبتوا بذلك فرضًا وهو تأخير المرأة عنه في صلاته حتى إذا لم يفعل وحاذته المرأة فيها فسدت صلاته، وها هو ذا الكمال بن الهمام - وهو حنفي له مكانته بين الأحناف - يقول في فتح القدير تعليقًا على قول شارح الهداية "أن الحديث من المشاهير"، أنه لم يثبت رفعه فضلًا عن كونه من المشاهير وإنما هو في مسند عبد الرزاق موقوف على ابن مسعود إلخ ما قال .. فعلوا ذلك أيضًا في حديث: "لا نكاح إلا بشهود" جاء في "العناية على الهداية": وأما اشتراط =