للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الشهادة فلقوله : "لا نكاح إلا بشهود" واعترض بأنه خبر واحد؛ فلا يجوز تخصيص قوله تعالى: ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء﴾ به، وأجاب فخر الإسلام بأن هذا حديث مشهور تلقته الأمة بالقبول؛ فتجوز الزيادة به على الكتاب وعلق ابن الهمام على ذلك بأن ابن حبان روى من حديث عائشة أنه قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" قال ابن حبان: لا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا وشتان ما بين هذا وبين قول فخر الإسلام أن حديث الشهود مشهور يجوز تخصيص الكتاب به. هذا ولما كان الكلام في هذا الفصل يتعلق بخبر الواحد الذي يتعارض مع العام من الكتاب أو السنة المتواترة، وهل يجوز تخصيص ذلك به أولا، وكان هناك قوم ينكرون وجوب العمل بخبر الواحد مطلقًا - كان ولا بد من التنبيه قبل حكاية المذاهب في هذا المقام على أن الخلاف هنا بين الذين يرون حجيته على ما هو التحقيق؛ إذ لا إشكال بين الأصوليين في عدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد على رأي من يقول بأنه ليس بحجة ..
وللأصوليين في جواز تخصيص الكتاب أو السنة المتواترة بأخبار الآحاد أقوال: القول الأول وهو المختار في كتب الحنفية: أنه لا يجوز تخصيص الكتاب أو السنة المتواترة بأخبار الآحاد ما لم يخصا بقطعي دلالة وثبوتًا ..
وقد نبه الكمال وشارحه صاحب "التيسير" على أن محل الكلام عند الحنفية - وجلى أن مراده المشترطون للمقارنة منهم لأن غير المشترطين لا يحتاجون إلى مثل هذا الغرض - ما لو فرض نقل الراوي أن الخبر قارن نزول الكتاب بأن يروى أن النبيّ قرن بتلاوته الكتاب كلامًا دالًا على خروج بعض أفراد الكلام العام، وأنه لم يعلم خلاف بينهم في عدم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد كما اختلفوا في قطعية العام ..
وواضح أن التنبيه على الأول من أجل أن أكثر الحنفية يشترطون المقارنة في المخصص الأول، فلا بد إذا من معرفة تلك المقارنة - وطريقها ما ذكر - ثم الكلام بعد ذلك في كونه مخصصًا أولا، إذ لو لم يظهر ذلك لتوهم أن المنع من التخصيص بناء على فقدان الشرط، وليس كذلك، وعلى الثاني لدفع ما قد يتوهم أن من يرى ظنية العام من الحنفية يرى التخصيص بخبر الواحد، كما هو مذهب غيرهم من الظنيين، فنبه عنى أنه لا خلاف بينهم في عدم الجواز ..
هذا ما يؤخذ من كتب المتأخرين منهم، وبالرجوع إلى ما قاله المتقدمون نرى أن أبا بكر الجصاص يذكر في أصوله أن تخصيص عموم القرآن والسنة الثابتة بخبر الواحد يجب أن يراعى فيه أن ما كان من ذاك ظاهر المعنى بين المراد وغير مفتقر إلى البيان ولم يثبت خصوصه بالاتفاق، فإنه لا يجوز تخصيصه بخبر الواحد، وما كان من ظاهر القرآن أو السنة الثابتة قد ثبت خصوصه باتفاق أو كان في اللفظ احتمال للمعاني أو اختلف السلف في معناه، وسوغوا =

<<  <  ج: ص:  >  >>