للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الوقف ليس يمتنع جريانه في الرَّهن، ولا نظر إلى كون حجر الفلس جرى من غير اختيار المحجور عليه، بخلاف حجر الرهن.

والوجه: التسوية بين البابين، وتنزيل البيع والعِتْقِ على ترتيب واحد، والعتق أولى بالنفوذ، والبيع أنفذ منه.

قال: وهذا فنّ من الوقف زائد على الأصناف التي ذكرناها في كتاب البيع.

وقال الغزالي في تصرف المفلس: وجه التنفيذ أن البيع صدر من أهله، وصادف محلّه، وكنا نظنه دافعًا لحق لا سبيل إلى دفعه، والآن قد تبين أنه لم يحصل به دفع محذور.

قال أبي : وبكلام الغَزالي هذا يتبين ما أشار إليه الإمام من أن هذا الوقف غير الأصناف الثلاثة؛ لأن بيع الفُضُولي والغاصب لم يصدر من أهله، وبيع ما يظنه للأب في الظاهر كذلك، وفي الباطن خلافه، وهذا في الظَّاهر، والباطن صادر من أهله، ولكن كونه دافعًا للحق أولًا مجهول موقوف على أمر مرتقب، [وهو يشبه تصرّف المريض؛ فإنه صادر من أهله في محلّه، ودفعه لحقّ الورثة أو الغرماء موقوف على أمر مرتقب] (١) يظهر عند الموت.

وقال ابن الرِّفْعَةِ في شرح كلام الغزالي هذا: إن معناه أن الحجر على كل مال المفلس شرع مخافة تضييع الديون على أربابها، وليس ذلك بأمر محقق، فإذا بان بالآخرة أنها لم تضع، وأن في المال فَضْلة عنه، فقد بان أن الحجر لم يتناول ذلك الفاضل، فَبَانَ نفوذ التصرف فيه، [وينزل] (٢) الحَجْر عليه بالفلس منزلة الحجر على السيد في عبده الجاني لأجل جنايته، فإنا نقصر الحَجْر على قدر أَرْشِ الجناية لا على جميعه، كما [أن] (٣) ذلك رأيٌ لنا ذكره الغزالي في كتاب "الزكاة"، والجامع أن الحَجْر وجد برضا المحجور عليه فيه.

نعم ما وجد الرضا به وإن كان زائدًا على قدر الدين، ولهذا لم يطرد الأصحاب قول الوقف فيه، وإن قال الإمام في كتاب "الإقرار": إنه لا يبعد تخريجه فيه. انتهى.

قال أبي : فإن صحّ ما قاله، فينبغي أن يجري في المرهون قول الوقف المذكورُ في بيع الفُضُولي، فإنه جرى في بيع ملك الغير، فلأن يجري في ملكه الذي حجر عليه فيه لأجل الغير أولى، والوَقْف الذي حقّقه في المفلس نوع زائد على الثلاثة الأصناف


(١) سقط في ب.
(٢) في ب: ويترك.
(٣) سقط في أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>