للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العادة أو تجرى على عمومه؟

وهذا الوجه هو الذي تكلّم فيه القاضي في "التقريب" والغزالي، وجماعة منهم الآمدي والمصنّف، وهؤلاء عندهم أن الذي جرت به العادة مراد قطعًا، وإنما الخلاف في أنَّ غيره هل هو مراد معه؟ عكس القسم الذي قبله.

فنقول: قال "الجمهور: إن العادة في تناول بعض خاصّ"، دون بعض "ليس بمخصص؛ خلافًا للحنفية، مثل" ما لو قال الشارع: "حرمت الربا في الطعام"، ومنه نهيه عن بيع الطعام بجنسه، "وعادتهم تناول البُرّ"، فيجري اللفظ على عمومه في كل طعام، وهذا في عادة التناول دون الإطلاق.

أما إن كان عرفهم تخصيص لفظ الطعام بالبُرّ، فإنه يخص به، وسيذكره المصنف، وهو في الحقيقة قولنا: إن العرفي مقدم على اللغوي.


= أصول الشرع، وإن أمكن رده إلى دليل شرعي كان مخصصًا، والمخصص في الحقيقة هو الأصل الذي يرجع إليه العرف كالإجماع السكوتي والسنة التقريرية والمصلحة المرسلة عند من يعتبرها، كأن يجري العرف في عصر المجتهدين بفعل شيء أو تركه ويقرونه أو يجري عرف بأمر في عصر النبيّ بعد ورود النص فيقره كذلك، حيث يكون إجماعًا سكوتيًّا في الأول وسنة تقريرية في الثاني، وكأن يجري العرف بفعل بناء على ما فيه من مصلحة كتعارف أخذ الأجرة على تعليم القرآن وغيره من الطاعات ..
ولا إشكال في جواز التخصيص بالعرف على رأي الحنفية الذين يشترطون المقارنة إن كان العرف قائمًا وقت ورود النص؛ لتحقق المقارنة، كما أنه لا إشكال في جواز التخصيص بالعرف الحادث على رآي الذين لا يشترطون المقارنة ما دام الأمر راجعًا إلى الدليل المعتبر شرعًا.
وإنما الإشكال في جواز التخصيص بالعرف الحادث للنص الغير المخصص على رأي الحنفية الذين يشترطون المقارنة في المخصص الأول؛ لأنها غير متحققة في هذه الصورة، وقولهم: إن المخصص في الحقيقة هو دليل العرف لا نفس العرف لا يرفع الإشكال إلا إن ثبت لديهم مقارنته للنص، وإلا وجب أن يكون الحكم على وفق ما هو معروف من أصولهم عند الجهل بالتاريخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>