وناقش الحنفية دليل الجمهور بمنع أنه لا مخصص لها؛ فإن جريان العادة بالتعامل ببعض الأفراد مما يجعل ذلك الاسم غالبًا في ذلك البعض، كالعرف القرلي في جعل اللفظ مما يتبادر منه البعض عند الإطلاق. وأجابوا عن مناقشتهم بمنع أن ذلك قياس في اللغة بل هو استقراء؛ فإن الاستقراء أفادنا قاعدة عامة هي أن ما يوجب تبادر الذهن إلى غير الموصوف له يوجب إرادته، والمطلق المفيد بالعرف العملي والعام المخصوص به ليسا إلا فردين لهذه القاعدة فلا أصل ولا فرع حتى يأتي القياس، وبأن الفارق الذي ذكر لا أثر له بعد تحقق مناط التخصيص والتقييد، وهو تبادر الخاص من اللفظ عند الاستعمال، ولا شك أنه متحقق بالعرف العملي في كل من العام والمطلق .. وبهذا الجواب يندفع أيضًا ما أبداه بعضهم من الفرق بين التخصيص والتقييد، وهو أن العادة في العام تخرج منه بعض المدلول بخلافها في المطلق فإنها تقيد الحصة الشائعة، فعمل بها في الثاني دون الأول، ووجهة الدفع أن هذا لا يصلح فارقًا؛ فإن مناط التخصيص والتقييد تبادر الخاص من اللفظ عند الإطلاق .. وبهذا يترجح الرأي القائل بالتخصيص سيما وأنه ينايسب قصد الشارع من وضع الشريعة للإفهام، وهذا إنما يكون باتباع معهود العرب، على أنا إذا علمنا أن التشريع الإسلامي كان قائمًا على مبدأ التقرير والإلغاء والتعديل لما كان معهودًا لهم علمنا أنه لا ضير مطلقًا في القول بالتخصيص ما دام المشرع قائمًا لا يقرهم على غير ما أراده الشارع، ويصبح النزاع قاصرًا على تلك الفترة التي تعقب نزول النص، والرسول ﵇ بعد ذلك لا محالة مبيّن أو مقرر لما أراده الشارع الحكيم .. وأما العرف الطارئ فالذي يؤخذ من كلام المعظم أنه إن لم يمكن رده إلى دليل معتبر فلا يخصص النص كما في الأمور التي تصطدم مع نصوص الشارع القطعية كالربويات وغيرها، وكما في البدع المستحدثة في المآتم والمقابر والأفراح حيث لا يمكن ردها إلى أصل من =