وكل من القولي والعملي إما أن يكون قائمًا منذ ورود النص أو حادثًا بعده، اتفق الأصوليون على أن العرف القولي القائم وقت ورود النص يخصص العام إن كان عرفًا عامًّا، كما إذا ورد لفظ عام عن الشارع وكان عرف الناس استعماله في بعض أفراده، فإنه يحمل عليه .. واختلفوا في العرف العملي القائم وقت ورود النص، فذهب الحنفية وبعض المالكية إلى أنه يخصصه وذهب الجمهور إلى خلافه محتجين بأن صيغة العموم التي جرى العمل ببعض أفرادها عامة بحسب اللغة، ولم يوجد ما يخصصها، وكل ما كان كذلك يجب بقاؤه على عمومه .. واحتج المخالفون لهم بأن اتفاق كل من المتنازعين على أن العرف العملي يقيد المطلق يوجب اتفاقهم على أنه يخصص العام، توضيحه أنه إذا كانت العادة في بلد أكل لحم الضأن ثم قال أحدهم لوكيله: اشتر لحمًا - لا يفهم منه إلا لحم الضأن، فينصرف إليه ويقتصر التوكيل عليه حتى لو اشترى الوكيل غيره كان مخالفًا مع أن لحمًا في أصل وضعه مطلق دال على فرد ما من أفراد اللحم ضأنًا أو غيره فإذا كان هذا حال المطلق وجب أن يكون العام مخصصًا بالعرف العملي كذلك لاتحاد الموجب للتخصيص والتقييد، وهو تبادر الحصة التي وقع عليها التعامل من اللفظ عند ذكره ..