للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ونقول: إن الاعتماد في الأيمان على العرف.

والثالث: أن تجرى العادة بفعل معيّن، ثم يرد لفظ عام، فهل يقصر على ما جرت به


= ما اتفقوا عليه وما اختلفوا فيه، فنقول: العرف إما قولي وإما عملي، فالقولي "هو الاتفاق على أن يراد من اللفظ غير تمام مدلوله بحيث إذا أطلق انصرف إليه من غير قرينة، وهذا يشمل الاتفاق على إرادة بعض المدلول، وإرادة غير المدلول، فالأول كإرادة بعض أفراد العام منه بعد أن كان دالًّا على كل أفراده، كالدراهم على النقد الغالب بعد أن كان يطلق على كل أفراد الدراهم، والثاني كالاتفاق على إرادة فرد معين من المطلق بعد أن كان دالًّا على الفرد الشائع، وكالاتفاق على إرادة معنًى آخر للمركب، ومثال المطلق: لفظ امرأة في قول الموكل، وكلتك بتزويجي امرأة، فإن اللغة تطلقها على الأنثى من بني آدم، والعرف قيدها بالحرة، ومثال المركب قول الحالف: لا أضع قدمي في دار فلان فإن العرف استعمله في المنع من دخول الدار على أي حال. ويرجع العرف القولي إلى اتفاقهم على هجران المعنى الأصلي ونقل اللفظ بواسطة الاستعمال المتكرر الشائع إلى المعنى الثاني، وهذا الاستعمال يعتبر وضعًا. والعملي هو جريان العمل بين الناس على فعل من الأفعال سواء أكان عامًّا كاستصناع الأواني والخفاف، أو خاصًّا ببلد كتعارف أهل بلد على خياطة الثياب على شكل مخصوص.
وكل من القولي والعملي إما أن يكون قائمًا منذ ورود النص أو حادثًا بعده، اتفق الأصوليون على أن العرف القولي القائم وقت ورود النص يخصص العام إن كان عرفًا عامًّا، كما إذا ورد لفظ عام عن الشارع وكان عرف الناس استعماله في بعض أفراده، فإنه يحمل عليه ..
واختلفوا في العرف العملي القائم وقت ورود النص، فذهب الحنفية وبعض المالكية إلى أنه يخصصه وذهب الجمهور إلى خلافه محتجين بأن صيغة العموم التي جرى العمل ببعض أفرادها عامة بحسب اللغة، ولم يوجد ما يخصصها، وكل ما كان كذلك يجب بقاؤه على عمومه ..
واحتج المخالفون لهم بأن اتفاق كل من المتنازعين على أن العرف العملي يقيد المطلق يوجب اتفاقهم على أنه يخصص العام، توضيحه أنه إذا كانت العادة في بلد أكل لحم الضأن ثم قال أحدهم لوكيله: اشتر لحمًا - لا يفهم منه إلا لحم الضأن، فينصرف إليه ويقتصر التوكيل عليه حتى لو اشترى الوكيل غيره كان مخالفًا مع أن لحمًا في أصل وضعه مطلق دال على فرد ما من أفراد اللحم ضأنًا أو غيره فإذا كان هذا حال المطلق وجب أن يكون العام مخصصًا بالعرف العملي كذلك لاتحاد الموجب للتخصيص والتقييد، وهو تبادر الحصة التي وقع عليها التعامل من اللفظ عند ذكره ..

<<  <  ج: ص:  >  >>