للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُبَّائِيُّ: لَو خُصَّ بِهِ، لَزِمَ تَقْدِيمُ الأَضْعَف بِمَا تَقَدَّمَ فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ؛ مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ يُجْتَهَدُ فِيهِ فِي أَمْرَيْنِ … إِلَى آخِرِهِ.

وَأُجِيبَ: بِمَا تَقَدَّمَ؛ وَبِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ إِبْطَالِ أَحَدِهِمَا؛ وَهَذَا إِعْمَالٌ لَهُمَا، وَبِإِلْزَامِ تَخْصِيصِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ وَالْمَفْهُومِ لَهُمَا.

وَاسْتُدِلَّ: بِتَأْخِيرِهِ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ، وَتَصْويبِهِ .

وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ أَخَّرَ السُّنَّةَ عَنِ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَمْنَعِ الْجَمْعَ.

وأما ما علم حاله فلا يحسن أن يقال فيه: إنه يلحق بالأعم الأغلب؛ لأن ذلك إنما يقال في المجهول، وهو عند المصنّف بعض المستنبطات، وعند الآمدي كلها، فافهم ذلك.

"وأجيب بجريه في كلّ تخصيص" بأن يقال: المخصّص في كلّ صورة إما راجح بالنسبة إلى العام، أو مرجوح، أو مساوٍ … إلى آخره، فلو كان هذا مبطلًا لتخصيص العام بالقياس لبطل التخصيص من أصله "وقد رجح" الخاص "بالجمع" بين الدليلين، فلم يكن مبطلًا.

الشرح: واستدل "الجُبَّائِي" أولًا: على أن العام لا يخصّ بالقياس مطلقًا بأنه "لو خُصّ به لزم تقديم الأضعف" على الأقوى، والملازمة تبين "بما تقدم في خبر الواحد من أن الخبر يجتهد فيه في أمرين": العدالة والدلالة، والقياس يجتهد فيه في أمور كثيرة "إلى آخره" أي آخر الدَّليل المذكور في كتاب "الخبر".

"وأجيب" بأوجه "بما تقدم، وبأن ذلك" أي تقديم الأضعف بعد تسليم كون القياس أضعف إنما يمتنع "عند إبطال أحدهما" بالكلية، "وهذا" ليس كذلك؛ إذ هو "إعمال لهما"، فكان أولى "بالتزام تخصيص الكتاب بالسُّنة والمفهوم لهما" أي يلزمكم ألَّا يجوز تخصيص الكتاب بالسُّنة، وألَّا يجوز تخصيص منطوقهما بالمفهوم؛ لأنه أضعف.

"واستدلّ" الجُبّائي ثانيًا: على أن القياس لا يخصّص العموم "بتأخيره في حديث معاذ" (١) عن الكتاب والسُّنة، "وتصويبه" هذا الصنيع، كما رواه


(١) من حديث معاذ؛ أخرجه أبو داود في السنن ٣/ ٣٠٣ في كتاب الأقضية: باب اجتهاد الرأي في القضاء حديث (٣٥٩٢ و ٣٥٩٣)، والترمذي ٣/ ٦١٦ في كتاب أبواب الأحكام، باب: ما جاء =

<<  <  ج: ص:  >  >>