وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ٥/ ٢٣٠ و ٢٣٦ و ٢٤٢، وأخرجه الدارمي ١/ ٦٠ في المقدمة باب: الفتيا وما فيه من الشدة، وأخرجه الطيالسي كما في المنحة ١/ ٢٨٦ في كتاب القضاء والدعاوى والبينات حديث (١٤٥٢)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" ٢/ ٢٧٢، وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ٢/ ٥٦، قال الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" ١/ ١٨٩ و ١٩٠: على أن أهل العلم قد تقبلوه واحتجوا به، فوقفنا بذلك على صحته عندهم، كما وقفنا على صحة قول رسول الله ﷺ: (لا وصية لوارث) وقوله في البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) وقوله: (إذا اختلف المتبايعان في الثمن والسلعة قائمة تحالفا وترادا البيع) وقوله: (الدية على العاقلة) وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد لكن لما تلقنها الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها، فكذلك حديث معاذ لما احتجوا به جميعًا غنوا عن طلب الإسناد له. اهـ. وقال الحافظ أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي" ٦/ ٧٢ - ٧٣: (اختلف الناس في هذا الحديث فمنهم من قال: إنه لا يصح، ومنهم من قال: هو صحيح، والدين القول بصحته؛ فإنه حديث مشهور يرويه شعبة بن الحجاج ورواه عنه جماعة من الرفقاء والأئمة، منهم يحيى بن سعيد، وعبد الله بن المبارك، وأبو داود الطيالسي والحارث بن عمرو الهذلي الذي يرويه عنه. وإن لم يكن يعرف إلا بهذا الحديث فكفى برواية شعبة عنه، وبكونه ابن أخ للمغيرة بن شعبة في التعديل به والتعريف به، وغاية حظه في مرتبته أن يكون من الأفراد، ولا يقدح ذلك فيه ولا في أحد من أصحاب معاذ مجهولًا، ويجوز أن يكون في الخبر إسقاط الأسماء عن جماعة، ولا يدخل ذلك في حيز الجهالة، وإنما يدخل ذلك في المجهولات إذا كان واحدًا فيقول: حدثني رجل حدثني إنسان ولا يكون الرجل للرجل صاحبًا حتى يكون له به اختصاص، فكيف وقد زيد تعريفًا بهم أنهم أضيفوا إلى بلد. اهـ. قوله: أجتهد برأي، يريد الاجتهاد في رد القضية من طريق القياس إلى معنى الكتاب والسنة، ولم يرو الرأي الذي ينسخ له من قبل نفسه أو يخطر بباله عن غير أصل من كتاب أو سنة، ومن هذا إثبات القياس وإيجاب الحكم به. وفيه دليل على أنه ليس للحاكم أن يقلد غيره فيما يريد أن يحكم به، وإن كان المقلد أعلم منه وأفقه حتى يجتهد فيما يسمعه منه، فإن وافق رأيه واجتهاده أمضاه وإلا توقف عنه؛ لأن التقليد خارج من هذه الأقسام المذكورة في الحديث. وقد اجتهد الصحابة في زمن النبي ﷺ في كثير من الأحكام ولم يعنفهم، كما أمرهم يوم الأحزاب أن يصلوا العصر في بني قريظة، فاجتهد بعضهم وصلاها في الطريق، وقال: لم يرد =