للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومنه ما ورد من تقييد الصيام بالتتابع في كَفَّارة القَتْلِ، وإطلاق الإطعام في الظهار.

ومنهم من أومأ إلى المُخَالفة فيه فقال: ينبغي أن يكون الثوب نفيسًا كالطعام، ويشهد بجريان الخلاف، وهو ما ذكره البَاجِي في "الفصول" وغيره - اختلافُ أصحابنا في أن القاتل إذا لم يقدر على الصِّيَام هل يجب عليه الإطعام كما في الظِّهَار؟

قيل: يجب، وربما روى قولًا للشَّافعي حَمْلًا لكفارة القَتْل على كَفّارة الظِّهَار، كما قيدنا الرقبة المطلقة بالإيمان حَمْلًا لها على الآية المقيدة.

والأصح: المنع؛ لأن آية القَتْل لم تتعرّض إلَّا للإعتاق والصيام، فلا يلحق بهما خصلة ثالثة، وإنما اعتبرنا الإيمان؛ لأن الرقبة مذكورة في الآيتين، وإن أطلقت في إحداهما.

وأما الإطعام فمسكوت عن أصله، والمسكوت لا يحمل على المذكور، كما أن الله - تعالى - نصّ في آية التيمم على عضوين وسكت عن عضوين، ونص في آية الوضوء على أربعة أعضاء، فلم يحمل التيمم على الوضوء.

"ومثل: "إن ظاهرت، فأعتق رقبة" مع: "لا تملك رقبة كافرة" واضح" فيه وجوب تقييد الرقبة بالمؤمنة؛ لاستحالة إعتاق الرقبة الكافرة مع عدم تملّكها، وهذه الصورة كالمستثناة مما تقدم (١).

والحاصل: أنه لا يحمل أحد الحكمين المختلفين على الآخر إلَّا في مثل هذه الصورة للضروة لا من أجل أن المطلق فيها محمول على المقيد.

"فإن لم يختلف حكمهما" فلا يخلو إما أن يتّحد موجبهما أي سببهما أو لا، "فإن اتحد موجبهما"، فلا يخلو إما أن يكونا "مثبتين" أو منفيين، فإن كانا مثبتين مثل أن تُذْكر الرقبة مطلقة في كَفَّارة القتل، ومقيدة بالإيمان في كَفَّارة القتل أيضًا.


= قولك: إن ظاهرت فأعتق رقبة ويقول: لا تملك رقبة كافرة ...... "، وذلك ضرورة كما يشير المصنف. ينظر شرح القاضي على المختصر ٢/ ١٥٦.
(١) قال الشيخ بخيت ٢/ ٤٩٥: فهذه الصورة وأمثالها في الحقيقة خارجة عن موضوع المطلق والمقيد ولكنها شبيهة به، فلذلك جعل حكمها المخالف للمطلق والمقيد مستثنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>