لنَا أَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّ الْعَمَلَ بِالْمُقَيَّدِ عَمَلٌ بِالْمُطْلَقِ.
وَأَيْضًا: يَخْرُجُ بَيَقِينٍ وَلَيْسَ بِنَسْخٍ؛ لأَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّقْييدُ نَسْخًا، لَكَانَ التَّخْصِيصُ نَسْخًا.
وَأَيْضًا لَكَانَ تَأَخُّرُ الْمُطْلَقِ نَسْخًا.
قَالُوا: لَوْ كَانَ تَقْييدًا، لَوَجَبَ دَلالَةُ "رَقَبَةٍ" عَلَى "مُؤْمِنَةٍ" - مَجَازًا.
وَأُجِيبَ: بِأنَّهُ لَازِمٌ لَهُمْ إِذَا تَقَدَّمَ الْمُقَيد، وَفِي التَّقْيِيدِ بِالسَّلَامَةِ، والتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمَعْنِيَّ: رَقَبَةٌ مِنَ الرِّقَابِ؛ فَيَرْجِعُ إِلَى نَوع مِنَ التَّخْصِيصِ يُسَمَّى تَقْيِيدًا.
ومثله لو قال: عليَّ ألف، ثم قال: على ألف من ثمن ثوبٍ "حمل المطلق على المقيد لا العكس بيانًا لا نسخًا"، سواء أتقدم أو تأخر.
"وقيل: نسخ إن تأخر المقيد".
فهنا مقامان: حمل المطلق على المقيد، وأنه بيان لا نسخ.
الشرح: "لا" على الحمل: "أنه جمع بينهما؛ فإن العمل بالمقيد عمل بالمطلق" والعمل بالمطلق، لا يلزم منه العمل بالمقيد؛ لإمكان حصوله في ضمن غير ذلك المقيد.
"وأيضًا" فإنه "يخرج" بالعمل بالمقيد عن العهدة "بيقين"، سواء أكان مكلَّفًا بالمقيد أم بالمطلق، بخلاف العمل بالمطلق؛ إذ قد يكون مكلفًا بالمقيد، فلا يكون آتيًا بما كلّف به عند إتيانه بما عدا المقيّد من صور الإطلاق.
قال ابن السَّمْعَاني: ونقول أيضًا: إذا أجرينا المُطْلق على إطلاقه اعترضنا به على المقيد، وإذا اعتبرنا المقيد اعترضنا به على المُطْلق، ولا بُدَّ من واحد منهما، والثاني أولى؛ لأن الأمر المقيد صريح في وصف التقييد.
وأما المطلق فظاهر فيما عدا الصورة المقيدة، وليس بصريح، فكان الاعتراض بالصَّريح على الظاهر، وبالخاص على العام أولى.
إنما قلنا: إن هذا الحمل "ليس بنسخ؛ لأنه لو كان التقييد نسخًا" للإطلاق "لكان التخصيص" أيضًا "نسخًا" للعام، بجامع أن كلا منهما مخالف له ورد متأخرًا عنه، واللازم باطل بالاتفاق.