للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإنْ كَانَا مَنْفِيَّيْنِ عُمِلَ بِهِمَا؛ مِثْلُ: "لَا تُعْتِقْ مُكَاتَبًا، لَا تُعْتِقْ مُكَاتَبًا كَافِرًا"، وَإنِ اخْتَلَفَ مُوجِبُهُمَا؛ كَالظِّهَارِ وَالْقَتْلِ.

فَعَنِ الشَّافِعِيِّ : حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى المُقَيَّدِ. فَقِيلَ بِجَامِعٍ، وَهُوَ الْمُخْتَار، فَيَصِيرُ كَالتَّخْصِيصِ بالْقِيَاسِ عَلَى مَحَلِّ التَّخْصِيصِ، وَشَذَّ عَنْهُ بِغَيْرِ جَامِعٍ. وَأبو حَنِيفَةَ : لَا يُحْمَلُ.

"وأيضًا" لو كان تأخر المقيد عن المطلق يوجب كونه ناسخًا للمطلق؛ لكونه رفع الخروج عن العُهْدَةِ بِأي فرد - "كان [لكان] (١) تأخر المطلق نسخًا"؛ لرفعه التقييد، فكما رفع تأخر المقيّد الإطلاف، رفع عكسه التقييد، وليس كذلك اتفاقًا.

"قالوا: لو كان" تأخر المقيد عن المطلق "تقييدًا" للمطلق لا نَسْخًا "لوجب دلالة رقبة على مؤمنة مجازًا"، والتالي باطل؛ لأن المجاز خلاف الأصل. بيان الملازمة: أن المقيد لو كان بيانًا للمطلق لكان المُرَاد بالمطلق هو المقيد، وإذا أطلق المطلق، وأريد المقيد كان مجازًا.

"وأجيب بأنه" أيضًا "لازم لهم" فيما "إذا تقدم المقيد" على المطلق؛ لأنهم سلموا أن المقيد حينئذٍ يكون بيانًا للمطلق لا ناسخًا له، "وفي التقييد بالسلامة" عن العيوب يلزمهم أيضًا؛ لأن الرقبة مطلقة، ويجب تقييدها بالسَّلامة عندهم، فدلالتها على السَّليمة مجاز، فما كان جوابهم فهو جوابنا، وهذا وجه جَدَلِيّ.

"والتحقيق" في الجواب: "أن المعنى" بالرقبة "رقبة من الرِّقَاب" أيّ رقبة كانت، فيصير عامًّا، إلا أنه عموم بَدَلي، ويصير تخصيصه بالمؤمنة تخصيصًا وإخراجًا لبعض المسميات من أن تصلح بدلًا، "فيرجع" ذلك "إلى النَّوْع من التخصيص سمى تقييدًا" في الاصطلاح، فحكمه حكم التخصيص، فكما أن تقدم الخاص بيان للعام، كذلك تقدم المقيد بيان للمطلق.

الشرح: "فإن كانا منفيين عمل بهما مثل: لا تعتق مكاتبًا، لا تعتق مكاتبًا كافرًا"، فلا يعتق المكاتب أصلًا من اللفظ، وهذا من باب تخصيص العام لا تقييد المطلق، ومن يخصص بدليل الخطاب لا بد أن يخصص المكاتب بمفهوم قوله: مكاتبًا كافرًا.


(١) في ب: لو كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>