للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فإنا نقول بالحمل على المعنيين.

وقائل يقول بالإجمال، فأما تعين الحمل على معنى واحد، فقول لم يقل به أحد.

هذه عبارات هؤلاء الأئمَّة.

والذي وضح لي أن سورة المسألة فيما إذا ورد كلام من الشَّارع دائر بين مدلولين إن حمل على أحدهما أفاد معنى واحدًا، وإن حمل علي الآخر أفاد معنيين، وليس هو أظهر بالنسبة إلى أحدهما ليخرج ما إذا كان أحدهما حقيقة والآخر مجازًا؛ إذ الحقيقة راجحة، أو أحدهما مجازًا راجحًا، والآخر مرجوحًا؛ لتقدم الراجح.

وقد أشار المصنف بقوله: "اللفظ لمعنى تارة، ولمعنيين أخرى" إلى أن محل الخلاف ليس فيما إذا كان أحدهما حقيقة، والآخر مجازًا؛ إذ لا يقال في المعنى المجازي: إن اللفظ له، بل اللفظ ليس إلا للحقيقة الموضوع بإزائها وضعًا أولًا.

وبقوله: "من غير ظهور" إلى ما إذا كان أحد المحملين راجحًا؛ إما لكونهما مجازين، وأحدهما أشهر، أو لغير ذلك، ويدخل فيه ما إذا كان أحدهما حقيقة والآخر مجازًا، فإن الظهور للحقيقة، إلا أن تكون مهجورة.

وإذا وضح أن محلّ الخلاف وصورة المسألة في لفظ دائر بين مدلولين:

إن حمل على أحدهما أفاد معنى واحدًا.

وإن حمل على الآخر أفاد معنيين من غير ظهور، فنقول: للمسألة حالتان:

إحداهما: أن يكون المعنى الواحد ليس واحدًا من المعنيين، والذي يظهر في هذا أن يكون مجملًا، ولا يقال: الحمل على ما يفيد معنيين أولى؛ لكونه أكثر فائدة؛ لأنا نقول: إنما يتحقّق هذا لو كان المعنى الواحد أحد المعنيين.

أما إذا لم يكن فهو قسيمه، وفي العمل به دفع لأحد محملي اللَّفظ بمجرّد كون الآخر أكثر فائدة، ولا نسلّم أن أكثرية فائدته توجب هذا الصنيع.

والحالة الثانية: أن يكون واحدًا من المعنيين، والَّذي يظهر فيها: أنه يعمل بالمعنى الواحد على كل حال؛ لأنه إن كان هو تمام المُرَاد باللَّفظ، فلا إشكال، وإلا فهو أحد المُرَادين؛ فلا مانع من العمل، إنما يبقى النَّظر في المعنى الآخر.

فإن قلت: فقد قال الآمدي فيما إذا ظهر كونه حقيقة، فيما قيل من المحملين مع

<<  <  ج: ص:  >  >>