للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: يَطُولُ فَيَتَأَخَّرُ الْبَيَانُ.

قُلْنَا: وَقَدْ يَطُولُ بِالْقَوْلِ.

وَلَوْ سُلِّمَ، فَمَا تَأَخَّرَ، لِلشُّرُوع فِيهِ، وَلَوْ سُلِّمَ؛ فَلِسُلُوكِ أَقْوَى الْبَيَانَيْنِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَمَا تَأَخَّرَ عَنْ وَفْتِ الحَاجَةِ.

"لنا": الوقوع، وذلك "أنه بين الصَّلاة والحج بالفعل"، "وقوله" : ""خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" و"وَصَلُّوا" "كَمَا" رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" لا يقال: إنه الذي وقع به البيان دون الفعل، وهو قوله؛ لأنا نقول: إنما البيان بالفعل، وهذا القول "يدل عليه".

"وأيضًا، فإن" الفعل يشاهد بخلاف القول، ولا شك أن "المشاهدة إدراك من القول، فكانت "أولى" بالجواز، "وليس الخبر كالمُعَاينة" فيما أخبرنا به أبي ، وأبو عبد الله الحافظ في كتابهما قال: أنبأنا إسحاق بن أبي بكر النحاس سماعًا، أنبأنا يوسف بن خليل الحافظ (١)، أنبأنا الجمال أبو الحسن مسعود بن أبي منصور، أنبأنا حمزة بن أبي الفضل


= وعلى هذا فالخلاف لفظي.
قال: ومنهم من جعله معنويًّا، وهو أنه هل بتصور فعل ينبئ بمجرده عن المراد من غير إسناد ذلك إلى قرينة أم لا؟ قلت: وجعله السَّرخسي مبنيًّا على أصل، وهو أن بيان المجمل هل يكون المجمل متصلًا به؟ فَمَنْ شَرَطَ الاتصال قال: لا يكون البيان إلا بالقول؛ إذ الفعل لا يكون متصلًا بالقول. وفي المحصول: لا يعلم كون الفعل بيانًا للمجمل إلا بأحد أمور ثلاثة، أو يعلم ذلك بالضرورة من تصده، أو بالدليل اللفظي، كقوله: هذا الفعل بيان لهذا المجمل، أو بالدليل العقلي، بأن يذكر المجمل وقت الحاجة، أي العمل به، ثم يفعل فعلًا يصلح أن يكون بيانًا.
وذكر الغزالي سبع طرق. ينظر: البحر المحيط ٣/ ٤٨٥، ٤٨٦، والبرهان ١/ ١٦٤، والمعتمد ١/ ٣٣٧، والمحصول (١/ ٣/ ٢٦٢)، وشرح العضد ٢/ ١٦٢، وشرح تنقيح الفصول ٢٧٨، وشرح الكوكب ٣/ ٤٤٢، وإرشاد الفحول ١٧٢، والإحكام للآمدي ٢/ ٢٤.
(١) يوسف بن خليل بن قراجا بن عبد الله، أبو الحجاج، شمس الدين الدمشقي ثم الحلبي، ولد سنة ٥٥٥ هـ، محدث، حنبلي، ولد وتفقه بـ"دمشق"، وقام برحلة إلى "بغداد" و"أصبهان" و"مصر"، وتفرد في وقته بأشياء كثيرة عن الأصبهانيين، فكان أوسع معاصريه رحلة، وأكثرهم كتابة. وجمع لنفسه "معجمًا" ومن مصنفاته: "ثمانيات" و"عوالي". قال الذهبي: روى عنه خلق كثير. استوطن "حلب" في آخر عمره، وتوفي بها سنة ٦٤٨ هـ. ينظر: شذرات الذهب ٥/ ٢٤٣، والأعلام ٨/ ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>