(١) قال في المواقف وشرحه في المقصد الثامن في أن أفعال الله تعالى ليست معللة بالأغراض ما نصه تذنيب إِذا قيل لهم - أي للمعتزلة - أنتم قد أوجبتم الغرض في أفعاله تعالى، فما الغرض من هذه التكاليف الشاقة الَّتي لا نفع فيها لله تعالى؛ لتعاليه عنه ولا للعبد؛ لأنها مشقة بلا حظ؟ قالوا: الغرض فيها عائد إِلى العباد، وهو تعريض العبد للثواب في الدار الآخرة وتمكينه منه؛ فإِن الثواب تعظيم أي منفعة دائمة مقرونة بتعظيم وإِكرام وهو أن التعظيم المذكور بدون استحقاق سابق قبيح عقلًا؛ ألا ترى أن السلطان إِذا مرّ بزبال وأعطاه من المال ما لا يدخل تحت الحصر لم يستقبح منه أصلًا بل عد جودًا وفضلًا وإِغناءً للفقير وإِبعادًا له عن ساحة الهوان بالكلية، لكنه مع ذلك إِذا نزل له وقام بين يديه معظمًا له ومكرمًا إِياه، وأمر خدمه بتقبيل أنامله استقبح منه ذلك، وذمته العقلاء، ونسبوه إِلى ركاكة العقل وقلة الدراية، فالله سبحانه لما أراد أن يعطي عباده منافع دائمة مقرونة بإِجلال وإِكرام منه ومن ملائكته المقربين ولم يحسن أن يتفضل بذلك عليهم ابتداء بلا استحقاق كلفهم ما يستحقون به. انتهى فالمؤمنون محتاجون إِلى التكليف؛ ليمتثلوا فيستحقوا الثواب؛ لتوقفه على ذلك على ما تقرر ثم أطال في المواقف، وشرحه في ردّ ما قالوه، فليراجعه من أراده. ينظر: الآيات البينات ٣/ ١٢٢، ١٢٣.