وإِنما قلنا ذلك؛ لأن الأمر يوجب فعل المأمور به، إِما على الفور أو التراخي على الخلاف فيه.
وعلى التقديرين: يمتنع تأخير البيان؛ "لأن الفور يمتنع تأخيره"، أي: تأخير بيانه؛ لأنه وقت الحاجة، "والتراخي يفيد جوازه" أي جواز الفعل المأمور به "في الزمن الثَّاني"، أي: عقيب الأمر؛ "فيمتنع تأخيره"؛ لأن الجواز أيضًا حكم كالواجب يحتاج إِلى البيان كما يحتاج إِليه الوجوب.
فلو أخر تبيين الجواز لأخر عن وَقْتِ الحاجة، فتبين أنه متروك [الظَّاهر](١)، فلا يحتج به.
"وأجيب": بأن الأمر قبل البيان لا يجب به شيء"، وهذا الترديد إِنما لزم بناء على أنه يجب شيء بالأمر، وهو لا يجب إِلَّا بعد البيان؛ فانتفى، وإِذا لم يجب به شيء، فلا ظاهر حتَّى يقال: ترك.
ولقائل أن يقول: لم قلتم: لا يجب قبل البيان شيء فيما له ظاهر؛ فإِن هذا مخصوص بما لاظاهر له؟.
قال المصنّف: "وذلك" أي: ما أخر فيه البيان عن وقت الخطاب "كثير"، ومن أظهره آية المواريث.
قال الشَّافعي ﵁ محتجًّا: أثبت الله المواريث بين الناس، ثم بيَّن النبيّ ﷺ ألَّا يتوارث أهل الكفر وأهل الإِسلام، ثم إِن الأنبياء ﵈ لا يورثون.