. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أأراد تخييرهن، فمن شاءت اعتدّت بالأَطْهَار، ومن شاءت اعتدت بالحَيْضِ؟ أو أراد واحدًا بعينه؟.
وأي الأمرين فقد أراد ما لا سبيل لهنّ إِلى فهمه من قوله: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٢٨]؛ لأنه لا ينبئ عن التخيير ولا التعيين.
وإِن قلتم: لم يرد شيئًا فهو محال، ولم يقل به عاقل.
ونحن نقول: إِنما أراد واحدًا بعينه إِلَّا أنه لم يرد فهم تَعيينه في الحال، وإِنما أراد فهم الجملة منه، كأنه قال: اعْتَدِّي بما سأبيّنه لك منهما، وما تهتدون به من أنه لولا تعيّن الاعتداد عقلًا، لما قيل هذا، وإِذا تعيّن وجب أن يبين ليفعل، مبنى على قاعدتهم.
ولو سلمت: فلعلّ المصلحة الإِجمال أولًا والتعيين آخرًا، وأين ما يمنع من ذلك في العقول؟.
"قالوا" ثانيًا - أعني عبد الجَبَّار، ورفقته -: "لو جاز تأخير بيان المجمل، لجاز" من الله "الخطاب بالمُهْمَل، ثم ببين مراده"، بجامع عدم الفهم فيهما.
"وأجيب": بالفرق "بأنه" في المُجْمل "يفيد" شيئًا، فيفيد "أنه مخاطب بأحد مدلولاته، فيطيع ويعصى بالعزم".
"بخلاف الآخر" أعني: المهمل فإِنه لا يفيد شيئًا، فأني يستويان؟.
ثم إِن المهمل لا مدلول له، فما الذي يبين؟.
وإِن هو أراد به شيئًا فقد أتى بلفظ لا يدلّ على المراد بوجه.
بخلاف المجمل فإِنه إِذا تبيّن اتضح كونه، وإِلا على المبين، فقياس المجمل بالمهمل في غاية الفساد.
وزعماء الخصوم لا يرضون هذا القياس، وإِنما يقيسون على خطاب العربي بالزِّنْجِيّة مع القدرة على مخاطبته بالعربي.
وأجاب القاضي ﵁: بأنكم لم منعتم هذا الخطاب؟ بل نلتزم جوازه؛ ألا ترى أن القرآن خطاب للعرب والعجم؟.
قلت: وهذا هو الحقّ، وإِنما يمتنع خطاب المرء غيره بما لا يفهمه المخاطَب ولا