للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فقال: "فَارِقْ وَاحِدَةً، وَأَمْسْكِ أَرْبَعًا"، فعمدت إِلى أقدمهن عندي عاقر منذ سنين، ففارقتها (١).

إِذا عرفت هذا فنقول: وجه الاحتجاج من وجهين:

أحدهما: العبارة المحفوظة عن الشَّافعي أن ترك الاستفصال في حكاية الأحوال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المَقَالِ.

وهذا واضح لا خفاء به، فإِنه لم يستفصل هل [تزوجهن] (٢) معًا، أو على التعاقب؟ فلولا أن الحكم يعم الحالتين لما أطلق؛ إِذ كان مطلقًا في موضع التفصيل.

وما يقال عليه: جاز أن يكون علم الحال، يأتي جوابه في [غضون] (٣) الكلام.

والثَّاني: وهو ما في الكتاب أن ظاهر قوله: "أَمْسِكْ" يقتضي جواز إِمساك أيَّة أربع شاء، فتخصيص الأول عدول عن الظاهر، وهذا على لفظ "أمسك".

وأما على لفظ "اختر" وهو الشهير، فهو صريح في رأينا؛ إِذ تفويض الخِيَرَةِ إِليه مع الاحتجار عليه في محلّ واحد غير معقول؛ فمخصص الأوائل مخالف لظاهر "أمسك" ولنص "اختر" الوارد في الأحاديث الَّتي ذكرناها.

فإِذن قول الخصوم: "إِنه أراد الأوائل" مدفوع بالنص والظاهر.

وعُمْدَةُ الخصوم في الكلام على الحديث أنه أراد بقوله: "أمسك"، أن يمسكهن ويجدد العقد عليهن على موجب الشَّرع.

جعل حذّاقهم هذا هو العُمْدة لاندفاع التأويل الأول بما ذكرناه.

وهذا أيضًا يدرؤه وجوه:


(١) أخرجه الشَّافعي في المسند ٢/ ١٦ (٤٤) والبيهقي في السنن ٧/ ١٨٤.
(٢) في أ، ب: زوجهن.
(٣) في أ، ب: عصفور.

<<  <  ج: ص:  >  >>