للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ فِي: ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤]، أَيْ: إِطْعَامُ طَعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا؛ لأَنَّ الْمَقْصُودَ دَفعُ الْحَاجَةِ، وَحَاجَةُ سِتِّينَ كَحَاجَةِ وَاحِدٍ فِي سِتِّينَ يَوْمًا؛ فَجُعِلَ الْمَعْدُومُ مَذْكُورًا، وَالْمَذْكُورُ عَدَمًا مَعَ إِمْكَانِ قَصْدِهِ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَبَرَكَتِهِمْ وتَضَافُرِ قُلُوبِهِمْ عَلَى الدُّعَاءِ لِلْمُحْسِنِ.

أحدها: أنه يخالف ظاهر لفظ الإِمساك؛ لأن مقتضاه الاستمرار واستصحاب الحال لا التجديد.

والثَّاني: أنه فوض الإِمساك والفراق إِلى الزوج، ولو كان المراد الإِنكاح وعدمه لما كان ذلك؛ إِذ رضا الزوج لا يحصل النكاح، بل لا بد من رضا الزوجة أو وليها، والفراق حاصل بنفس الإِسلام عندهم.

والثالث: لو كان المراد منه ابتداء النِّكَاح لذكر له شرائط النِّكَاح، وإِلَّا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة.

والرابع: أنه لم ينقل تجديد عقود النِّكَاح قطّ كما ذكر في الكتاب، بل نقلت النقلة الحكايات نقل مَنْ لا يستريب في أنهم استمرُّوا في الإِسلام على مناكحاتهم القديمة.

والخامس: أن نكاح الابتداء لا يختصّ بهنّ، بل جوازه سائغ في نساء العالم، وهذه أوجه لائحة لا خفاء بها.

وذكرت أوجه أخر ضربت عنها لاحتمالها التشكيك.

وأما هذه فظواهر، وإِن بحث باحث في واحد منها، وأثبت له معنى لم يدرأ كلها.

ثم يقول: إِنْ جحد مُعَاند اقتضاء ذكرناه إِلى الغرض أيضًا لم يجحد ظهوره، وعليه الظن في صفو قصد الشَّارع إِلى ما قررناه، والظهور كافٍ في الحكم على مُقَابله بالبعد، وهذا ضرب من تأويلاتهم البعيدة.

الشرح: "ومنها قولهم" في قوله تعالى: " ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ " أي: إِطْعَام طعام ستين مسكينًا".

قالوا: "لأن المقصود رفع الحاجة، وحاجة ستين" مسكينًا في يوم واحد "كحاجة واحد في ستين يومًا"، فاستويا في الحكم. "فجعل" في هذا التأويل "المعدوم" وهو طعام

<<  <  ج: ص:  >  >>