للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

صحيح، رواه البخاري من حديث أبي بكر الصديق في كتاب "فريضة الصدقة".

ولفظه: "وَفِي صدَقَةِ الغنم في سائمتها إِذا كانت أربعين إِلى عشرين ومائة" الحديث.

وروى أبو داود، والترمذي، وحسّنه من حديث الزهري عن سالم عن أبيه: "وفِي الغَنَمِ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ … ".

والحاصل: أن الأحاديث ناصّة على إِيجاب شَاةٍ في الأربعين، وهم جَوَّزُوا إِخراج القيمة، وقالوا: قوله : "فِي الغَنَمِ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ" (١) "أي: قيمة شاة بما تقدم" من أن المقصود دفع الحاجة سواء أكان بالشاة أم بالقيمة، "وهو أبعد" من التأويل السابق؛ "إِذ يلزم" منه: "ألَّا تجب الشاة"؛ لأنه إِذا وجبت القيمة لم تجب الشاة، فلا تكون مُجْزئة، وهي مجزئة بالاتفاق، فإِذا لم تجب الشاة كان هذا الاستنباط عائدًا على النَّص بالإِبطال، "وكلُّ معنى إِذا استنبط من حكم أبطله باطل" كما قدمناه؛ لأنه يوجب بطلان أصله المستلزم لبطلانه، فيلزم من صحّته اجتماع صحته وبطلانه، وهو [محال] (٢).

واعلم أن هذا التأويل والذي قبله مشتركان - على ما قاله طائفة من أصحابنا منهم المصنّف - في التَّأدية إِلى تعطيل اللَّفظ، وقد غلظ الشَّافعي القول على المؤولين بكلّ ما أدى إِلى تعطيل اللَّفظ، وسببه ما ذكرناه.

وقد ذكرنا ما يمكن الحنفية أن يدافعوا به عن أنفسهم في التأويل السابق، وأما في هذا الحديث، فللقوم أن يقولوا: إِنما يكون ما أوّلنا معطلًا لو لم نجوز إِخراج الشاة.

وأما إِذا جوزناه؛ فالتأويل حينئذٍ معمم، لا معطل كما قلتم في حديث: "وَلْيَسْتَنْج بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ" (٣): إِنه يجوز الاستنجاء بالخرق.


(١) أخرجه أبو داود (١٥٦٧)، والنسائي (١/ ٣٣٦ - ٣٣٨)، والحاكم (١/ ٣٩٠ - ٣٩٢)، وأحمد (١/ ١١ - ١٢)، والبيهقي (٤/ ٨٦) من حديث أنس بن مالك مرفوعًا.
وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
(٢) في أ، ت: مخالف.
(٣) أخرجه أبو داود ١/ ٣، كتاب الطَّهارة: بأنَّ كراهية استقبال القبلة (٨)، وابن ماجة ١/ ١١٤، كتاب الطَّهارة: باب الاستنجاء بالحجارة (٣١٣)، والنسائي ١/ ٣٧، كتاب الطَّهارة: باب عن الاستطابة بالروث.

<<  <  ج: ص:  >  >>