للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا: حَمْلُ "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذنِ وَليِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ" عَلَى الصَّغِيرَةِ وَالْأَمَةِ والْمُكَاتَبَةِ، وَ"بَاطِلٌ" أَيْ: يَئُولُ إِلَيهِ غَالِبًا؛ لاِعْتِرَاضِ الْوَلِيِّ؛ لأِنَّهَا مَالِكَةٌ لِبُضْعِهَا؛ فكَانَ كَبَيْعِ سِلْعَةٍ.

وقد عرف كلّ ذي نظر أنه يجوز أن يستنبط من النَّص معنى يعود عليه بالتعميم، كاستنباط ما يشوش الفكر من قوله : "لا يَقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان"، وكغالب الأقيسة، فالحق عندنا أن ما ذهبوا إِليه مدفوع من جهة أن اللّفظ ظاهر في التَّعين، فلعلّ الشَّارع قصد مشاركة الفقير للغني في جنس ما يملك، ففي القصر على الشَّاة تحصيل مقصود الشَّارع من الخلاص من عذر المخالفة، وبأن الزكاة فيه بعيد، والإِضراب عَمَّا فعلوه حَقّ، وإِن كان لا يظهر أنه تعطيل، بل تأويل لا يعضده دليل.

الشرح: "ومنها: حمل" الحنفية ما حملوه فيما رواه أبو داود الطّيالسي (١)، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والدارقطني، من حديث سليمان بن موسى (٢)، عن الزهري عن عروة عن عائشة: أن النبيّ قال: "لا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ" (٣) "" [وَ] أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذنِ وَليِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ"، وإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلِيٌّ فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ".

هذا لفظ الطّيالسي، وفي لفظ: إِنه قال: "لا تُنْكَحُ امْرَأَةٌ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا، فَإِنْ


(١) سليمان بن داود بن الجارود، مولى قريش، أبو داود الطَّيَالِسِي. ولد سنة ١٣٣ هـ. من كبار حفاظ الحديث، فارسي الأصل، كان يحدّث من حفظه، سُمع يقول: أسرد ثلاثين ألف حديث ولا فخر. من مصنفاته: "المسند" سكن "البصرة" وتوفي بها سنة ٢٠٤ هـ. ينظر: تاريخ بغداد ٩/ ٢٤، والأعلام ٣/ ١٢٥.
(٢) سليمان بن موسى الأموي، مولاهم، أبو أيوب، ويقال: أبو الربيع، ويقال: أبو هشام، الدمشقي، الأشدق، فقيه أهل الشام في زمانه. قال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، ولا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أفقه منه ولا أثبت منه. قال البخاري: عنده مناكير. وقال النسائي: أحد الفقهاء، وليس بالقوي في الحديث. قال ابن عدي: فقيه، راوٍ، حدث عنه الثقات، وهو أحد علماء أهل الشام، وقد روى أحاديث ينفرد بها لا يرويها غيره، وهو عندي ثبت صدوق. توفي سنة ١١٥ هـ. من شربة سقيها. ينظر: تهذيب الكمال ١/ ٥٤٧، وخلاصة التهذيب ١/ ٤٢٠، وتهذيب التهذيب ٤/ ٢٢٦، والثقات ٦/ ٣٧٩.
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>