فقيل لهم: نكاحها يتردّد بين النفوذ والرد، فله حالتان؛ لأن الولي قد يختار الإمضاء، وقد يختار الرَّد، فليس المصير إلى البُطْلان فيه ضربة لازِب، فلا يسوغ والحالة هذه التعبير عن إحدى العاقبتين مع تجويز الأخرى، وإنما يعبر عما سيكون بالكائن فيما يكون لا مَحَالة، كالموت الذي إليه مصير كل زوج.
وحمله آخرون على الأمة، وزعموا: أنه لا يمتنع تسمية السيد وليًّا.
ورد بوجهين:
أحدهما: أن نكاحها موقوف كما ذكرنا في الصَّغيرة، ومنتهى الكلام فيه كما سبق.
والثّاني: أنه ﵇ جعل لها المهر بما أصاب منها، ومهر الأمة لمولاها.
وزعم من يدعى الحذق والتحقيق من متأخريهم أنّ الحديث محمول على المكاتبة، وأراد التخلّص من المهر؛ فإن المكاتبة تستحقّه.
وإنما حمل القوم على ارتكاب هذا التعسُّف أنهم لم يستمكنوا من الإعراض عن الحديث صفحًا، ولا رضوا بأن ينقضوا عند سماعه ما مقدوه من أصل قياس، وهو ملك المرأة البالغة العاقلة أمر نفسها؛ "لأنها مالكة لبضعها، فكان" تزويجها نفسها "كبيع سلعة".
الشرح: قالوا: "اعتراض الأولياء"، لا لكونها غير مالكة لأمر نفسها، "بل لدفع نقيصة، إن كانت" عند تزويجها نفسها من غيرُ كفء.
واعلم أن معظم الفقهاء ذهبوا إلى أن هذا الصنف من التأويل مقبول لو عضده دليل، وأنه لا يعطل اللفظ.
وقال القاضي: هو مردود قطعًا، وعزا إلى الشافعي ﵁ قائلًا: إنه عنى علو قدره لم تكن لتخفى عليه هذه الجهات للتأويلات، وقد رأى الاعتصام بحديث عائشة