للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اعتصامًا بنص، وقدّمه على الأقيسة الجَلِية، وكان ذلك شاهدًا عدلًا في أنه لا [يرى] (١) التعليق بمثل هذه المَحَامل.

وذكر القاضي ما حاصله: أن النبي ذكر أعم الألفاظ؛ إذ أدوات الشَّرط من أعم الصيغ، وأعمها "ما" و"أي"، فإذا فرض الجمع بينهما كان بالغًا في محاولة التعميم. انتهى.

أي "ما" لو تجرّدت وكانت شرطية كانت أيضًا من صيغ العموم، وقد أتى بها زائدة للتأكيد، فكانت مقوية لما تدل عليه أي من التعميم.

كذا فهمه المَازِرِيّ، وعليه جرى المصنف، وهو حق، ولم يرد أن "ما" المتصلة تأتي شرطية كما وهمه ابن الأنباري، ثم اعترض وقال: هذه غفلة عظيمة.

ووافقه ابن المُنير المالكي (٢) في كتاب "الإنصاف"، ونسباه إلى إمام الحرمين، وهو في كلام القاضي، وإمام الحرمين ناقل له، ولكنه سكت عليه، ومعناه ما ذكرناه، فاعرف ذلك.

قال القاضي: ثم الصيغ ينكرها من ينكر أن للعموم صيغة إذا لم يكن هناك قرائن، وهنا قرائن لا نُكْران معها، ولا يذكر هذا اللَّفظ على هذه الصُّورة، ويريد المُكَاتبة والصغيرة، والأمة إلا من جانب الجد في كلامه.

وهذا لا يقع من المصطفى ولا أحد من الفصحاء، ولئن وقع فإنما يقع جوابًا عن سؤال، لا ابتداء حيث يقصد تأسيس قاعدة.

فإذا ابتدأ الذي إليه ابتداء الشرع بأمر الله - سبحانه - بهذا الكلام كان بالغًا في التعميم، وما ذكروه صور نادرة شاذّة، والشاذ - كما قال الشافعي - ينتحى بالنص عليه، ولا يراد على الخُصُوص بالصِّيغة العامة، لا سيما مع هذه القَرَائن ومع تكرير لفظ البُطلان ثلاثًا.


(١) سقط في أ.
(٢) أحمد بن محمد بن منصور، ابن المُنَيِّر السَّكنْدَري، ولد سنة ٦٢٠ هـ. من علماء الإسكندرية وأدبائها، ولي قضاءها وخطابتها مرتين، من تصانيفه: "تفسير" و"ديوان خطب" و"تفسير حديث الإسراء" و"الانتصاف من الكشاف".
توفي سنة ٦٨٣ هـ. ينظر: فوات الوفيات ١/ ٧٢، والأعلام ١/ ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>