للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وإلى هذا أشار يقوله: "فأبطل" بهذا التأويل "ظهور قصد التعميم" في: "أيما امرأة … " الحديث، "بتمهيد أصل" ابتدأه ، وقاعدة أسسها "مع ظهور أي" في العموم؛ إذ هي من أظهر أدوات الشرط، وقد وقعت هنا "مؤكدة بـ "ما" كما في قوله تعالى: ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ﴾ [سورة القصص: الآية ٢٨].

ومع "تكرير لفظ البطلان، وحمله على النادر يعد كاللغز".

هذا، ولا حامل للقوم على هذا التعسّف العظيم "مع إمكان قصده" "لمنع" المرأة صغيرة كانت أو كبيرة حُرَّة أو مكاتبة من "استقلالها" بالتصرف "فيما" لا "يليق بمحاسن العَادَات" تصرف النساء فيه استقلالًا، وهو النكاح.

فإذن ليس الحديث خارجًا عن قانون القِيَاسِ حتى يرتكبون هذا التأويل، بل منعُ المرأة من الاستقلال بالنكاح حسن في العرف كما ذكرناه.

فإن قلت: أليس قوله: "أيما امرأة" عام، والمكاتبة والصغيرة والأمة بعض أفراده؟

وليس قصر العام على بعض أفراده من التَّأويل المردودة؟

قلت: إنما لا يكون مردودًا، إذا كان المقصور عليه غير شَاذّ.

وأما الشَّاذ فالقصر عليه مردود؛ لأنه يخرج الكلام عن الفصاحة.

قال القاضي والإمام وطبقات الأئمة: وقد سلَّم لرسول الله الموافق والمخالف، أنه كان على النّهاية القصوى من الفَصَاحة، ولا ينكر هذا من عنده مُسْكَةٌ من عقل، والحمل على هذا يحط الكلام عن رتبة الفَصَاحة والجزالة.

فإن قلت: أليس يصح استثناء ما عدا الصورة الشَّاذة؟

قلت: قال الإمام: هذا من الطِّراز الأول؛ فإنا لا نجوز أن يصدر من رسول الله مثل هذا الاستثناء، بل قد منعه القاضي من غير النبي ، فكيف به ؟

ثم إن ما ذكرتم قياس اللُّغة، فلا يسمع.

هذا حاصل ما ذكره أئمتنا في هذه المسألة.

واعلم أن لنا خلافًا في الصورة النَّادرة هل تدخل تحت العموم أولا؟ لأنها لا تخطر بالبال غالبًا، وبنى عليه اختلاف أصحابنا في المُسَابقة على الفيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>