فمن منع ذلك ادعى أنه لم يدخل تحت قوله ﵇:"لا سَبْقَ إِلَّا فِي خُفٍّ، أَوْ نَصْل، أَوْ حَافِرٍ"(١).
ومنع الشيخ أبو محمد المُصَلّي أن يدعو في صلاته بما لا يليق مخاطبة الرب به من طلب جارية حسناء، ونحو ذلك، وادّعى أنه لم يدخل تحت عموم قوله ﵇:"وَلْيَتَخَيَّرْ مِنَ المَسْأَلَةِ مَا شَاءَ".
قلت: وقد يستشهد لعدم دخول الصورة النَّادرة بقول الشَّافعي: الشاذ: ينتحى بالنص عليه، ولا يراد على الخصوص بالصيغة العامة.
وقد قال الشيخ صدر الدين بن المُرَحّل: الخلاف في الصّورة النادرة هل تدخل: لا يبين لي في كلام الله - تعالى - فإنه لا يخفى عليه خافية؛ فكيف يقال: لا يخطر بالبال؟
قلت: وجوابه: أن المراد عدم الخُطُور ببال العَرَبِ في مخاطباتها، فإذا كانت عوائدهم إطْلاق العام في كلام الباري تعالى، قلنا: إنه - تعالى - لم يرد تلك الصُّورة؛ لأنه أنزل كتابه على أسلوب العرب في مُحَاوراتها وعاداتها في الخطاب.
فافهم ذلك، واعرف أن كلامنا مع الحنفية إنما هو على تقدير دخول الصُّورة النادرة.
وأما إن قلنا بعدم دخولها، فيسقط ما يتعلّقون به جملة وتفصيلًا.
الشرح:"ومنها حملهم" ما روى من قوله ﷺ: "لَا صيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْل"، "على" صوم "القضاء والنَّذْر".
وهو حديث جيد رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة من حديث الزهري، ولفظهم:"مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلا صيَامَ لَهُ".
(١) أخرجه أبو داود ٣/ ٢٩، في الجهاد: باب في السبق (٢٥٧٤)، والترمذي ٤/ ١٧٨، كتاب الجهاد: باب ما جاء في الرهان والسبق (١٧٠٠)، والنسائي ٦/ ٢٢٦، في الخيل: باب السبق (٣٥٨٥).