للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ورواه النسائي أيضًا من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر من قوله، قال الترمذي: وهو أصح.

قال البيهقي: اختلف عن الزهري في إسناده، وفي رفعه إلى النبي .

قلت: وممن صحّح وقفه: أبو حاتم الرازي، والنسائي، ولكن رواه الدارقطني مرفوعًا من حديث عمر، عن عائشة ، وقال: رجال إسناده كلهم ثقات.

إذا عرفت هذا فنقول: حمله الحنفية على ما ذكرناه؛ "لما ثبت عندهم من صحّة الصيام بنيّة من النهار، فجعلوه كاللغز"؛ إذ حملوه على النَّادِر مع اشتماله على صيغة العموم بنكرة مبنية على الفَتْحِ في سياق النَّفْي، وأنه مبتدأ قاعدة من الشَّارح كما سبق سواء.

"فإن صح" لهم "المانع من الظُّهور"، وهو ما زعموه دليلًا على صِحّة الصيام بنيّة من النهار، "فليطلب أقرب تأويل" مثل: نفي الكمال؛ فإنّ الحمل عليه وإن كان مردودًا، ولكنه كما قال إمام الحرمين: أقرب من التأويل السّابق، وأقرب أيضًا كما قاله الإمام مما قاله الطَّحَاوي (١) وتبجح به من أن المراد: النهي عن الاكتفاء بنية صوم الغَدِ في بياض نهار اليوم، بل عليه أن [يؤخر] (٢) النية إلى غيبوبة الشَّمْسِ حتى يكون بإيقاع النية في الليلة مبيتًا.

وزعم أن هذا التأويل يجري في جميع أنواع الصوم فرضها ونفلها.

وقال الإمام: وهو كلام غثّ لا أصل له، وهو يحط من رتبة الطَّحَاوي.

قلت: وحاصله أن من لم يبيت عام في الذين لا يُبيِّتون، وهم أضرب:


(١) أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة، الأزدي، الطحاوي، أبو جعفر، مولده سنة ٢٣٩ هـ في "طحا" (من صعيد مصر) والتي نشأ فيها أيضًا. فقيه، انتهت إليه رياسة الحنفية بـ "مصر"، تفقه على مذهب الشافعي ثم تحول حنفيًّا، وهو ابن أخت المزني. من تصانيفه: "شرح معاني الآثار" و"بيان السنة" و"مشكل الآثار" وغيرها. توفي سنة ٣٢١ هـ. ينظر: البداية والنهاية ١١/ ١٧٤، ولسان الميزان ١/ ٢٧٤، والجواهر المضيَّة ١/ ١٠٢، واللباب ٢/ ٨٢، والأعلام ١/ ٢٠٦.
(٢) في ج: يوجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>