للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقوله: لو تحتمت القسمة بين الأصناف على التساوي أفضى الأمر إلى [تبعد] (١) في الصرف، فإنه قد يتفق كثرة الفقراء وقلّة المال، وألَّا يوجد الغارمون، ولا الرّقاب، فلو صرف إلى الفقراء من ذلك المال الثمن، وأخر الثمن للغارمين إلى أن يوجدوا والفقراء هالكون بالجوع لم يكن ذلك لائقًا بحكمة الشَّريعة.

قلنا: مذهبنا: أنه إذا فقد صنف يوفر نصيبه على الباقين، وليس مذهبنا أن لكل صنف الثمن، بل إنما نعطي العامل أُجْرة عمله، فإن كان الثمن أكثر ردّ الفاضل على بقية الأصناف، وإن [كان] (٢) أقل تمّم منها على الأصح.

وقيل: من خمس الخمس، ولا يزاد الرقاب والغارمون على ما عليهم، وكذا غيرهم.

وحاصله: أن التسوية عندنا غير واجبة، بل ولا جائزة، والأفضل أن يدفع إليهم على قدر حاجاتهم، وأن يسوي بينهم في ذلك.

فينبغي للمعترض أن يعرف مذهبنا قبل الاعتراض.

ثم نقول: لو سلم مسلم هذه الصورة التي ذكرها، وقلنا: إنها ليست مذهبنا، فمن أين له بقاء الفقراء الهالكين بالجوع؟

أليس من مذهبه ومذهبنا: أن الفقراء إذا لم تكفهم الزّكوات يجب على الأغنياء سَدُّ خلتهم؟

فلو عمل الأغنياء بما أمرهم الله - تعالى - به لم يعرف على وجه الأرض مَضْرُور.

وأما مسألة الوصية التي ألزم الشافعي بها الخصوم حيث راعوا لفظ الموصى، ولما يراعوا لفظ الكتاب العزيز، فلا نرى لمن يلتزمها جوابًا.

وحاول ابن الأنْبَاري الجواب عنها فقال: لَعَمْرِي إن النص بالوضع لا يختلف بالإضافة، بخلاف النص بالقرآن.

وقد بيّنا أن حرف "اللام" لا يقتضى تمليكًا، وإنما هو محتمل، فإذا دلّ دليل على انحسام أحد المعنيين تعين الثاني.


(١) في أ، ت: تعبد.
(٢) سقط في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>