وكذلك تقول إذا ذكرت لفظًا خاصًّا ذا حقيقة ومجاز كما إذا قلت: رأيتا أسدًا.
فإن عنيت الحيوان المفترس، كنت جاريًا على منهاج الحقائق.
وإن عنيت رجلًا هجومًا مقدامًا، فهذا سائغ لا ينافيه الحد، ولكنه تأويل يفتقر إلى دليل.
وإن عنيت رجلًا ذميمًا أو أبخر، لم يكن ذلك لفظًا منساغًا، وكان مريده مُلْغزًا.
وهذا عند إطلاقك: رأيت أسدًا، فما ظنك إذا احتفت بالقرائن الدَّالة على إرادة الحقيقة؟
فإذا كانت "اللَّام" للملك أو لانتفاع الكلّ ظاهرا، وعضد ذلك المعنى المقتضى الكل، ولم يَنُبْ عنه العَطْف على:"ومنهم من يلمزك"، بل كان معه أحسن صار نصًّا، والخارج عنه معطل لا مؤول.
وقوله: ما دلّك على التعيين؟
قلت: أمر كلي إلى آخره حاصله: إن تتم له أنه ذكر دليله على أن المرعى الحاجة، وذلك خروج عن فن الأصول؛ إذ هو من وظائف الفقه، وقد أجاد صاحب الكتاب حيث أهمله.
ونحن حيث ذكره هنا نشير إلى ردّه فنقول:
أولًا: هذا دليل يعارض هذه الآية لما تقرر من أنها نص، وهو عام وهي خاصة، فكانت أولى بالأغنياء.
ثم هذا على تقرير انتهاضه، والصواب أنه لا ينهض؛ فإنَّ الله - تعالى - كما راعى ذَوِي الحَوَائج راعى مَنْ يصلح ذات البَيْن، ومن يغرم، وكل من يعمل أمرًا يعود على المسلمين بمصلحة غنيًّا كان أو فقيرًا.
ثم لو سلم أن المراعي الحاجة، [فلم](١) لم يجر على عمومها، بل دفعت إلى الغارم وإن لم يكن محتاجًا؟